السادسة والثلاثون. 4 سنوات أخرى من الرقم (40) الذي أُعِده رقماً/سناً مرعباً وكأنه الموعِد النهائي لتقرير عملٍ ما. كنت أظنني سأخرج عن طوري هذا العام كالأعوام السابقة أو أذكّر الأصدقاء حولي شهراً على الأقل وكأنه لا يحقّ لهم نسيانه. هذا العام؛ لم أخطط لأي سفرٍ خارج المدينة على غير العادة المتبعة منذ عدة أعوام، ولم أسهر طويلاً خارج البيت، أيضاً على غير العادة السنوية لهذا اليوم على الأقل.
مع الخامسة والثلاثين؛ أدركت أن أموراً كثيرة ما عادت تهمني. حدث وأن أربكتني الشعرات الرمادية مذ بدأت تزاحم الشعر الأسود تحديداً عام 2009، كنت أتغلّب عليها إما بنتفها أو صبغ كامل الشعر بالأسود إلى أن أتلفت الألوان الكيماوية شعري بأكمله قبل أشهر، ما دعاني إلى قصّ الأجزاء السفلية منه، ولم أقم حتى اليوم بالتخلص من أي شعرة رمادية، حتى تلك التي تنبت بلا خجل في مقدمة الرأس. تنازلت عن تغييرات تجميلية كنت أخطط القيام بها كالتخلص من علامات التمدد التي أصبحت جزءاً مني منذ شهور الحمل الأولى بالصغيرين، تنبهّت إلى أنها تذكّرني كل مرة أقف فيها أمام المرآة بآخرَين أعيش نصيباً كبيراً من حياتي لأجلهما.
كنت أحدّث رحاب -كإحدى العادات اليومية – قبل السادس والثلاثين بأسبوع عن طريقة أخرى للاحتفال لا تشمل السفر أو السهر مع الآخرين، أتت “الأوركسترا” أعلى القائمة لحفل في السابع والعشرين من أغسطس، خاصة وأنه إحدى الأشياء التي أردت تجربتها واقعياً بعد سنواتٍ وسنوات من الاستماع إلى الأوبرا وحفلات الأوركسترا العالمية. فكرة أخرى كانت التنقل في أحياء قديمة عبر قطار المترو الجديد والمشي وسط كوالالمبور كعادة قديمة كنت أقوم بها، نوع من الاختلاء بالنفس ثم الجلوس في مقهى غير معتاد. رحاب التي تعرف جيداً كيف يفزعني أن أجلس وحيدة في مقهىً أو أتناول وجبة ما وحيدة بلا كتاب أو شاشة ما أحدّق فيها حتى لا أبدو غريبة في عيون الآخرين، تخبرني بكل بساطة “انت بتصنع يومك. انت تصنع سعادتك. هدا العمر اللي بيجري أو بيكبر وبيزهر. عمرك مش عمر أحد تاني. هم ح يطفّوا الشمعة وحياكلوا الكيكة وحيصفقوا وحيمشوا. وحتظل انت. يا انك تتحسر، يا انك تقول: لا! أنا حكون كويس وحعمل حاجات“.
كانت الحياة تُحيك خططاً أخرى لم أتنبّه لها إلا متأخرة. ميلادي هذا العام وسط إجازة مدرسية. ولم أكن في أي عام قد احتفلت معهما أو أشركتهما في شيء ما يخصّني. ولأن ثيمة هذا العام هو الاحتفال بطريقة ما غير معتادة، آثرت أن تكون معهما، يوم مخصص لنا نحن الثلاثة نذهب فيه إلى مكانٍ ما جديد علينا. تفاجأت كونهما أكثر حماسة مني، مجاهد الذي يسألني إن كنت سأذهب للعمل يوم الإثنين، ثم مرة أخرى إن كنت سأخرج يوم الاثنين، دانة التي تذكّرني بيوم ميلادي وتسألني ماذا سأفعل. صباح الإثنين؛ استيقظت دانة مبكراً على غير العادة فيما كنت أتناول قهوتي، لتناولي هدايا ما اختارتها أثناء رحلة مدرسية شاركت بها قبل أسبوعين. دانة التي تعرف جيداً كيف تلمس قلبي وتحتفِل بي أماً.
بعد يوم طويل وشاق أستمتع بالمرور على صفحتك كطقس ماقبل النوم …. كل عام وأنتِ راضية عن أسماء …. أكتبي كل ماأتيحت لكِ الفرصة ❤️❤️