الحياة القروية الساحلية في كيلوا ماسوكو وتجربة الابحار وصيد الأسماك في تنزانيا

منظر علوي لمسكن سلو ليبورد في كيلوا ماسوكو - تنزانيا


إن كنت تعرف شرق أفريقيا جيداً، فستفهم أنها في نصف الكرة الجنوبي، حيث صيفها (ديسمبر) يقابل شتاء العالم. وهذا يعني ببساطة، تزايد أعداد السائحين بحثاً عن الدفء في هذا الجزء من العالم، وهذا ما جعلني أبتعد -حتى الآن- عن زنجبار وزحامها. وهنا جاءت الفكرة؛ كيلوا ماسوكو! إنه الأسبوع الأكثر هدوءاً لي في تنزانيا، قضيته مستمتعة بالمشي على طول الشاطئ، والسباحة معظم اليوم. فيما كانت التجربة الأولى للإبحار وصيد الأسماك بالطريقة التقليدية. وانتهاء بزيارة آثار كيلوا، في كيلوا كيسواني – إحدى المواقع التراثية والتاريخية في قائمة يونسكو.

غادرت دار السلام بعد أن استرحت فيها بضعة أيام، وصلت بعد رحلة برية عبرت فيها الحدود براً من كينيا إلى تنزانيا. لم أكن حتى الآن رسمت خطة واضحة للمدة التي سأقضيها في تنزانيا، أو المناطق التي أرغب في زيارتها. كل ما أعرفه أنني أبحث عن الهدوء، بعيداً عن زحام المدن وكثرة السائحين.

الطرق الأقل سفراً في أفريقيا

الطرق الأقل سفراً في أفريقيا

أتّبع في سفري طريقاً خاصاً، قد لا يناسب الكثير من السائحين أو حتى الرحالة الرقميين. إنه الطريق الأقل سفراً، وكوني في تنزانيا، إحدى أكثر الدول ازدحاماً بالسائحين في شرق أفريقيا، كانت كيلوا ماسوكو هي الخيار الممتاز.

تقع بلدة كيلوا ماسوكو على بعد حوالي ٣٣٠ كم جنوب دار السلام. إنها بلدة ساحلية، مطلة على المحيط الهندي، في جنوب شرق تنزانيا. فيما تنقسم البلدة إلى ٩ قرى صغيرة، لم أعرف في الحقيقة تمييز الواحدة منها عن الأخرى.

لم أكن اعرف أي شيء عن هذه البلدة الساحلية حتى أخبرني عنها عمر الجلا. كان هو الآخر يبحث عن مخرج بعيد عن زحام المدن، وعرف عنها من المسكن المشترك الذي سكنّاه في دار السلام. فلدى The Slow Leopard فرع آخر في كيلوا ماسوكو، ويبدو أنه مكان مميز. بحثت قليلاً عن هذه البلدة الصغيرة، يبدو أنها غير سياحية مثل جزيرة زنجبار أو جزيرة مافيا. وهذا ما أبحث عنه، قرية أو بلدة ساحلية هادئة، أستطيع فيها تجربة الحياة المحلية، إلى حد ما.

٣١٧ كلم حتى كيلوا ماسوكو

وصلت كيلوا ماسوكو مساء يوم الإثنين، التاسع عشر من ديسمبر. كانت رحلة برية طويلة بالحافلة، بدأناها في العاشرة صباحاً، من محطة بدائية  في دار السلام، توقفَت أكثر من ١٠ مرات لإركاب وإنزال المسافرين. وصلنا نهاية اليوم أخيراً إلى محطة صغيرة في البلدة، وكنا بالطبع المسافرين الأجانب الوحيدين هنا.

اخترت مكاناً قرب النافذة، لا تكييف في هذه الحافلة، وأحتاج إلى كل موارد التهوية المتاحة لي. لم تكن الشمس رؤوفة أبداً، لكن الستائر تؤدي الغرض – تقريباً. كنا الوحيدين من غير الأفارقة، أو كنت أنا، ولكن شعري كان مصفوفاً بالضفائر الأفريقية. لم يكن هنا أطفال كثيرون، وكنت مستعدة بكمّ هائل من الأفلام التي يمكنني مشاهدتها على الآيباد إن أزعجتني أصواتهم.

أحب السفر براً ومشاهدة الحياة المحلية من شباك نافذة الحافلة. ترى هنا بشراً يبيعون محاصيلهم الزراعية على حافة الطريق، أملاً في رزق يعودون به. أو بائعين متجولين يحملون أوانٍ بها حلوى ومكسرات ومعجنات لا تعرف عمرها. ثم آخر يحمل كيساً كبيراً، مليئاً بالذرة المسلوقة، تناديه، فيقشّر واحدة لك، ويدسّ النقود في جيبه.

أسبوع من الحياة القروية في كيلوا ماسوكو

أسبوع من الحياة القروية في كيلوا ماسوكو

كما أخبرتك سابقاً، هرباً من زحام دار السلام. وصولنا في نهاية اليوم كان يعني شيئاً واحداً، الراحة التامة بعد تلك الرحلة المرهقة. لكن فضولي كبير أيضاً!

تجوّلت حول الفندق الذي سأسكنه لأسبوع في كيلوا ماسوكو. الشاطئ هادئ للغاية، ونظيف. على بُعد ١٠٠متر، يمكنني رؤية الصيادين والعاملين يجففون محصول اليوم. بينما العائلات تستريح على الشاطئ نهاية اليوم، السيدات يراقبن المكان، بينما الأطفال يلعبون في الماء. لا أحد يحاول بيع أي شيء هنا، لن تجد ماساي مارا كوكاكولا – المسمّى المحلي لأفراد ماساي مارا المقلّدين. وهذا ما يجعلني أحب المكان جداً.

هذه البلدة صغيرة للغاية، ولن تجد فيها مطاعم أو مقاهي مفتوحة بعد السادسة مساءً. ولحسن الحظ، كان الإفطار والعشاء من ضمن الغرفة التي حجزتها. قد يبدو الأمر مملاً بالنسبة لك، ولكن صدقني، كان يومي حافلاً، ما بين اليوغا الصباحية على الشاطئ، والمشي في جنبات القرية، والحديث مع السكان المحليين. دعني أخبرك بتفاصيل أكثر!

اليوم الأول في كيلوا ماسوكو: الاستكشاف 

الثلاثاء، ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٢. قضيت أول النهار على الشاطئ أمام الفندق، لا سائحين هنا، والكثير من الهدوء. يأتي بعض الأطفال للعب والسباحة بالقرب مني، نتحدث قليلاً، ويسألونني عما أفعله هنا، ولماذا أتشمّس. انتصف النهار، ولم أكن أشعر بأي رغبة للعمل أو الكتابة فخرجت أمشي في القرية.

بشكل ما، شعرت أنني في إحدى القرى النائية في ماليزيا قبل ٢٥ عاماً. الطرق ترابية، وبالكاد تكفي مرور سيارة واحدة، تحيط النباتات البرية بالمكان، فيما أشجار جوز الهند تتراقص أمامي. أخذنا دراجات هوائية من الفندق، وسرنا بدون هدى، نتّبع الطريق الوحيد المؤدي للشارع الرئيسي. نتوقف بين الحين والآخر حينما نرى فندقاً أو مسكناً، لنعرف أين نحن، ونضع علامة على الخريطة لنعود إليها لاحقاً. وجدنا محلاً صغيراً يبيع بعض المشروبات شبه باردة، لا شيء مميز.

اليوم الثاني: ميناء كيلوا ماسوكو

الأربعاء، ٢١ ديسمبر ٢٠٢٢. بدأت اليوم مثل سابقه، يوغا على الشاطئ، وفترة قصيرة للسباحة، والكثير من الشمس. الشاطئ رملي للغاية، لا شعاب مرجانية أبداً، ولكنك قد تجد بعضاً من الأعشاب البحرية. هناك ضيفان آخران في الفندق قضوا ثلاثة ليالٍ قبلنا، وكانوا يتناولون إفطارهم بعدما عدت من الشاطئ. بينما طلبت أن أتناول قهوتي في الشرفة العالية في الفندق، الإطلالة البهية على البحر لا يضاهيها أي شيء. والإفطار؛ على الرغم من بساطته جداً، كان شهياً مع هذا المنظر الجميل. كتبت قليلاً، وكان علي إنهاء عدد من المهام المؤجلة.

بعد يوم عمل “مرهق”، حان وقت التسكع والمشي في القرية! وصلت حتى الشارع الرئيسي لكيلوا ماسوكو، واتجهت هذه المرة لليمين وصولاً للميناء. هنا مدرسة دينية، ثم محكمة، محلات صغيرة تبيع أشياء مختلفة، مطعم، ومحلات أخرى. ثم محل كبير يبيع الفاكهة الطازجة – وجدت ضالتي هنا أخيراً، حيث الأناناس في تنزانيا لا يضاهيه أي أناناس آخر.

وتماشياً مع التقاليد المحلية وحماية نفسي من الشمس، كنت أغطي كتفي أينما ذهبت في القرية. تنزانيا محافظة للغاية، لذا يقوم الرجال والنساء بتغطية ركبهم وأكتافهم. وتقليدياً، ترتدي النساء فقط التنانير، ولكن من المقبول بالنسبة للنساء الأجنبيات ارتداء الجينز أو البناطيل طالما أنها ليست ضيقة جدًا. لا أريد أن أكون “مزونغو”، والتي تعني بالسواحيلة “سائح” أو “السائح الأبيض” هذه الأيام. أعتبرها شخصياً شتيمة، ولكنها في الأصل -قديماً- كانت تعني المستكشف، وتطورت لتصبح السائح – أو السائح الأبيض خاصة.

قرية الصيادين والجانب الآخر من كيلوا ماسوكو

اليوم الثالث: قرية الصيادين

الخميس، ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٢. هناك العديد من الطرق لتجربة صيد الأسماك في كيلوا ماسوكو، ولكنني أردت تجربة محلية بالكامل. طلبت من العامل في الفندق أن يستأذن أحد الصيادين لاصطحابي في رحلة معهم. ويسعد الصيادون المحليون باصطحاب الضيوف في قواربهم الشراعية التي حرثت المحيط الهندي منذ ألف عام. حيث يمكنك حتى تعلم كيفية الإبحار بهذه السفن الخشبية، ثم الاسترخاء في المحيط الهندي، وتسييرها بالعصا. كانت التجربة مختلفة تماماً بالنسبة لي، وليست كالإبحار الذي تعلمته في لنكاوي.

وجدت مجموعات كبيرة من الأسماك للبيع حينما سرت في جنبات القرية في اليومين الماضيين، وهذا ما جعلني أريد تجربة الصيد في كيلوا ماسوكو. والعديد من السائحين السابقين كانوا صيادين مهرة، يبحثون عن أكبر الأسماك في المحيط الهندي. حيث من المشهور أن تحظى المياه المحيطة بكيلوا ماسوكو بتقدير كبير لصيد الأسماك، لاسيما وأنه يتم صيد سمك التونة والمارلن، والأسماك الكبيرة الأخرى بشكل شائع.

اليوم الرابع: الجزء الآخر من كيلوا ماسوكو

الجمعة، ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٢. استيقظت متأخرة اليوم فلم تغزو الشمس غرفتي هذا الصباح، ويمكنني سماع صوت المطر الخفيف على سقف الغرفة. حسناً، الأجواء غير مناسبة للسباحة هذا الصباح أو حتى ممارسة اليوغا على الشاطئ ككل يوم. ولكن المشي على طول الشاطئ إلزامي، فكيف أكون على الشاطئ ولا أقضي فيه نصف يومي على الأقل؟ حملت قبعتي وكيساً شبكياً لالتقاط المخلفات التي يجلبها البحر ومايحدث بعد الأمطار غالباً.

من بعيد، يمكنني سماع الصيادين، ربما يبيعون ما جلبوه اليوم، أو يساومون الشارين لأسعار أعلى. سرت على الشاطئ حتى وصلت إليهم، مستمتعة بصخب الأنشطة التجارية للصيادين، النساء هنا يعملون بجدية أيضاً ويديرون البيع بينما رجالهم وسط المحيط.

ماء المحيط المالح الدافئ، والرائحة الحلوة لدخان جوز الهند وخشب الأعشاب ورائحة الثوم والزنجبيل التي تنبعث من القدور والمقالي المصنوعة من الألومنيوم. هذا البخار الممزوج برائحة الكاري والهيل والقرفة المحيرة بينما تقوم السيدات بإعداد وجبة منتصف الصباح للصيادين. إن لم تكن معتاداً على الأسواق المحلية، ستغزو أنفك كميات من دخان الخشب ورائحة السمك المالحة، بينما عليك المشي ببطء وموازنة في المسارات الرملية المزدحمة عبر السوق.

في طرف من السوق، ستسمع خشخشة الماشية التي يصدرها البائع بالمزاد باللغة السواحيلية السريعة ينادي، فيما المشترون يحاولون المساومة. سمعت البائع يكرر “زابوني يا شيلينغي موجا؟ ساسا مبيلي، ساسا مبيلي، أوتانيبا مبيلي”، فيما المشترون حوله يهزّون رؤوسهم.

اليوم الخامس: اليوم العالمي للاسترخاء

السبت، ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٢. المضحك أن نهاية الأسبوع لدي لا تختلف كثيراً وسطه، خاصة في هذا الوقت من العام حينما يصبح الكل مشغولاً بالكريسمس وإجازات نهاية العام. ولأن أسلوب حياتي أكثر بساطة منذ أن بدأت العيش كرحالة رقمية، ولا أعتقد أن هناك أفضل من التخفف من الملابس في هذا الحر والرطوبة العالية. وفي الحقيقة، جعلتني هذه البلدة البحرية مستعدة للسباحة في أي وقت، ولا أفضل من ذلك.

سألت العامل في الفندق عن معنى كيلوا باللغة السواحيلية، فأخبرني أنها تعني “مكان السمك”. وفي أحيانٍ أخرى تعني الأسواق أيضاً – لغة عجيبة! وهو الإسم الجماعي الذي يطلق على ثلاث مناطق مختلفة على الساحل التنزاني: كيلوا كيسواني، وكيلوا كيفيني، وكيلوا ماسوكو. فقدت اهتمامي بمعنى الاسم، وقررت الاستمتاع بالشاطئ وتناول أشهى المأكولات البحرية، والاسترخاء على الأرجوحة الشبكية.

الوقوف على أطلال جزيرة كيلوا كيسواني تنزانيا

اليوم السادس: الوقوف على أطلال كيلوا كيسواني

الأحد، ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٢. أصبح مجموع السائحين في الفندق ٧، وهو العدد المناسب لرحلة بحرية وزيارة أطلال كيلوا كيسواني. إنه موقع التراث العالمي لليونسكو كيلوا كيسواني -المعروف باسم أطلال كيلوا، موقع أثري مشهور عالمياً يؤرخ ظهور الثقافة السواحيلية في تنزانيا وكامل شرق أفريقيا.

تم تصنيفها كموقع للتراث العالمي لليونسكو بسبب تأثيرها على ولادة الثقافة السواحلية، وما يُعرف الآن بقرية صيد الأسماك كان يحتلها العرب منذ ألف عام. لقد سكّوا الذهب، وباعوا التوابل والمجوهرات والعبيد، بينما أقاموا حفلات فاجرة تحت ضوء القمر وقاموا بإنشاء ولاية جزيرة كيلوا كيسيواني.

تشمل آثار كيلوا الموجودة في الجزيرة الآن آثار المسجد الكبير، الذي تم بناؤه في القرن الثاني عشر من الطين المرجاني، وبقايا القصر الذي بناه السلطان الحسن عام ١٣١٠، والعديد من المساجد الصغيرة من القرن الثاني عشر والرابع عشر.

احتلّ البرتغاليون هذه الجزيرة، وكالعادة، دمّروا أجزاء كثيرة من القصور والمساجد والمباني السكنية الأخرى. ومنذ العصر البرتغالي، بقيت أنقاض القلعة والمجمع الحضري بأكمله الذي يضم منازل ومناطق عامة قائمة. تشهد القطع الأثرية التي تم العثور عليها في الموقع على التبادلات التجارية وبالتالي الثقافية التي كانت كيلوا مسرحاً لها. وتعد أطلال كيلوا كيسواني أمراً ضرورياً لأي زائر لكيلوا، وهي تساعد بشكل كبير في فهم شعب كيلوا وكيلوا القديمة نفسها.

تاريخ كيلوا القديمة وشعب كيلوا

في حوالي عام ٨٠٠ بعد الميلاد، سافر العرب الشيرازيون على متن مركب شراعي من العراق المعاصر، عندما كانت أوروبا لا تزال متورطة في العصور المظلمة. وفي غضون سنوات قليلة، جمع رجال الأعمال هؤلاء ثروة لا يمكن تصورها من خلال التجارة في الذهب المستخرج في أعماق المناطق الداخلية الأفريقية؛ سوفالا الحديثة في زيمبابوي. وسرعان ما أصبحت كيلوا كيسواني مركزاً تجارياً للعالم الإسلامي وخارجه، يتاجرون في سلع متعددة من الخزف الفارسي إلى الخزف الصيني.

بُنيت هنا المساجد والأسواق والقصر الفاخر. ويمكن رؤية كل ذلك اليوم في مختلف حالات الخراب بالإضافة إلى مكان استراحة السلطان وعائلته الذي يبلغ عمره ألف عام. وعلى مر القرون، تقلبت ثروات كيلوا كيسواني مع تغير أسعار الذهب، وكان وصول البرتغالي فاسكا دي غاما عام ١٥٠٢ إيذاناً بتراجعها، وقام البرتغاليون في النهاية ببناء حصن جيريزا المخروط الذي يستقبلك في الميناء. نمت المدينة مرة أخرى وأصبحت أكثر أهمية بسبب ارتباطها بزنجبار أثناء تجارة الرقيق.

كانت سونغو منارا، وهي جزيرة صغيرة مجاورة قريبة من كيسيواني، مدينة حجرية سواحيلية تم افتتاحها في أوائل القرن التاسع عشر. لقد سمح تاريخها القصير نسبياً مقارنة بجارتها الأكثر شهرة كيلوا كيسواني لعلماء الآثار بفحص المنازل السواحيلية المبكرة خلال فترة زمنية محددة.

تم العثور على كلتا الجزيرتين لتكونا مهدًا للثقافة السواحيلية وكانتا نقطة انطلاق لأسلمة الساحل الشرقي لأفريقيا.

هاكونا ماتاتا - مسكن سلو ليبورد تنزانيا

اليوم السابع: حان الوقت لدراسة خريطة تنزانيا!

الإثنين، ٢٦ ديسمبر ٢٠٢٢. هل تذكر فيلم الملك الأسد، وأغنية هاكونا ماتاتا الشهيرة؟ كنت أظن الكلمة من اخترع ديزني ، وتفاجأت من أنها عبارة حقيقية بالسواحيلية تعني “لا توجد مشكلة” أو “لا تقلق” و”خذ الأمور ببساطة”. فحرفياً تعني “هاكونا” لا يوجد، و”ماتاتا” تعني قلق.

اتخذت مكاني المعتاد على الأرجوحة الشبكية، كنت أقرأ عن السفر في تنزانيا وأي المناطق أكثر جاذبية عن غيرها فيما أتحدث مع محمد. عمر، في ناحية أخرى يرتب جدول سفره من دار السلام والعودة إلى القاهرة. كنت أظنّ أن السفر حاملة كل أدوات الغوص معي فكرة مجنونة وحمل ثقيل، ولكنه يسافر محمّلاً دراجته الهوائية وكل مستلزمات التخييم معه. بدت الخطة شبه واضحة، خاصة وأن مجموعة من أصدقائي سيزورونني في جزيرة زنجبار خلال فبراير.

مغادرة كيلوا ماسوكو الساحلية وقرية الصيادين إلى دار السلام

اليوم الثامن: العودة من نفس الإتجاه

الثلاثاء، ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢. الحياة في الريف جميلة بشكل عام، على السطح على الأقل، بينما كل شيء أخضر ومورق. إنها إحدى البلدات التنزانية التي يكثر فيها المسلمون، وهذا ما يفسّر وجود المساجد والمصليات، والسيدات من جميع الأعمار يرتدين الحجاب الإسلامي التقليدي.

ودعت كيلوا ماسوكو عائدة إلى دار السلام في رحلة عجيبة! غادرت الفندق في الخامسة والنصف، راكبة دراجة نارية بينما المطر يهطل بغزارة شديدة. تحركت الحافلة محطة الباص أخيراً في السادسة والنصف، كانت حافلة كبيرة عجيبة. مضت ساعتين، هناك مَن ركب وهناك من نزَل، وبالطبع، هنا بائع متجول يبيع السمك المقلي! فجأة، توقفت الحافلة في العاشرة، وهناك الكثير من الكلام. لم يتحدث إليّ أحد، ورأيتهم يُنزلون الحقائب. تعطّلت الحافلة، ولا أحد يعلم متى تأتي حافلة أخرى.

انتهي الأمر بصفقة قصيرة ركبت بعدها حافلة “ماتاتو” والتي كانت سريعة للغاية، لنصل دار السلام في الواحدة ظهراً. كنت متعبة، ولا أريد سوى شيء واحد، النوم على سرير مريح في غرفة باردة.

الاستعداد لنهاية عام ٢٠٢٢

وعلى الرغم من جمال كيلوا ماسوكو إلا أن خلوّها تماماً من السائحين يعني قلة الخدمات المناسبة أيضاً. لا سوبرماركت جيد هنا، والبضائع قليلة جداً، فيما الانترنت ليس في أفضل حالاته. كان أسبوعاً ممتازاً قضيته في هدوء واسترخاء تام، استعداداً لأجواء ومغامرات أخرى سأقوم بها في تنزانيا.

وصلت موشي، استعداداً لمغامرات تسلق جبل كلمنجارو. كانت محاولة لتسلق جبال أنابورنا ممتعة، وأردت تكرار التجربة هنا أيضاً، لتكون أهم مغامراتي في أفريقيا. ولكن، أصبت بنزلة سعال شديدة يوم ٣٠ ديسمبر، واضطررت إلى تأخير رحلتي في زيارة أخرى. قضيت تلك الأيام مستمتعة بالمناظر الخلابة والأجواء العليلة، حكيتها في تدوينة الإطلالة البهية على كلمنجارو من موشي، فلا تنسَ قراءتها!

أسما قدحAuthor posts

Avatar for أسما قدح

Malaysian Travel Blogger on #TRLT. En-Ar Translator & Content Writer | مدونة ومترجمة ماليزية رحالة في الطرق الأقل سفراً

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *