زرعات مستورة

زرعات مستورة


مستورة..

تعتريني عادة أيام الآحاد رهبة بداية الأسبوع. أظل أفكّر مساءً عن جدول أعمال الأسبوع القادم. الاجتماعات، الأعمال المتوجّب عليّ إنهاؤها أو تسليم الجزئيات المخصصة. وبالطبع؛ الاجتماعات الطارئة. ثم ملاحقة موظفاتي اللاتي ينتظرن مني تذكيرهن بتسليم أعمالهن. وليس العكس!. قرأت مرة أن هذا الأمر غير صحي. خاصة حين يأتي صباح الاثنين الأصعب والأكثر دسامة. ما يجعلني أشترط عدم بدء أي اجتماع قبل التاسعة والنصف صباحاً. افعل ذلك حتى أستعدّ نفسياً في البيت والطريق إلى العمل. يسوء الأمر أكثر حين تمطر، وتصبح جميع الطرق مزدحمة بأنصاف المستيقظين.

عادة جديدة

في العمل؛ استحدثت عادة في الأشهر القليلة. استراحة عشر دقائق أقتطعها من ساعات العمل، لأحدد ما عليّ إنهاؤه في اليوم ذاته. طلبت من “مستورة”، عاملة المكتب إعداد شاي الظهيرة المعتاد بعد انتهاء معظم اجتماعات صباح اليوم. ماحدث؛ أنني حين دخلت إلى المطبخ الصغير المرفق بالمكتب، رأيتها ترتب زرعات خضراء، وتضعها على طاولة المطبخ. كان حديثاً عابراً لم أقصد به أي شيء غير الثناء على ماتقوم به. وكيف أنني أحب هذا النوع من الزرعات الصغيرة. تحدثنا قليلاً، هل يحتاج إلى تربة أم يكفيه وٍعاء الماء؟. كم مرة أسبوعياً يجب تغيير الماء؟. وفقط… حدّثت نفسي أنه يجب عليّ الذهاب إلى المشتل هذا الأسبوع. سأشتري بعضاً من الصبّار للبيت. خرجت من المطبخ لأكمل بقية ما عليّ في انتظار الشاي. 

أعتقد أننا تمكنّا من بناء علاقة طيبة هنا. خاصة بعد أن حكَت لي “مستورة” والعاملة الأخرى عن فترة عملهن في الخليج لسنوات قبل العودة إلى إندونيسيا. ثم المجيء للعمل في ماليزيا. مازلن يذكرن بعض الكلمات العربية. أسماء الأكلات العربية. حتى “حار مرة مرة” التي يشاكسنني بها حين أطلب منهن مشروباً ما.

زرعات مستورة

انتهى الوقت المستقطع. وعدت لأكمل باقي المستندات وأستعد لاجتماع أخير لهذا اليوم. ولأن اجتماعات الصباح لم تكن على ما قد رسمت له، كنت أفكّر جدياً في إنهاء اليوم بعده مباشرة. جائتني “مستورة” بعد وقت قصير. تحمِل قارورة ماء مقطوعة من الأعلى، وقد رتّبت فيها بعضاً من الأوراق الخضراء، جاءت بها مسبقاً. قالت لي: هذه لكِ، لتحمليها إلى بيتك وتتذكرينني دائماً. لم أعرف كيف كانت ردّة فعلي المتفاجئة أمامها. ولم أعرف كيف أكرر لها شكري. جعلتني “مستورة” أبتسم طِوال اليوم.. 

أسما قدحAuthor posts

Avatar for أسما قدح

Malaysian Travel Blogger on #TRLT. En-Ar Translator & Content Writer | مدونة ومترجمة ماليزية رحالة في الطرق الأقل سفراً

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *