صندوق التخفف

صندوق التخفف


صندوق.. صندوقين.. ثلاثة صناديق

التخفف. كنت أبحث عن معناه، أو معنى مصطلح الـminimalism. عرفته كنظام لتبسيط الحياة بتقليص عدد الأشياء التي نملكها. كانت إحدى التجارب التي استمتعت بها لحظة بلحظة. يعود ذلك إلى توالي عدد المرات التي أتنقل فيها حول المدينة تبعاً لتغيّر مكان عملي خلال السنوات العشر الماضية. هذا يعني نقل عدد كبير من الملابس لثلاث أشخاص. هنا صندوق كتب. صندوق ألعاب. صندوق للأواني منزلية، وأشياء أخرى. كانت اللحظة المهمة لي خلال يونيو الماضي ألا أنتقِل إلى المكان الجديد بأكثر من ١٠ صناديق. خاصة وأن البيت الحالي أصغر من كل البيوت التي اعتدت الانتقال إليها. زاد العدد في الأيام الأخيرة إلى ١٣ صندوقاً، حقيبة، ودرّاجتين للصغار. اكتشفت فيما بعد أن البيت الجديد يحوي خزائن كثيرة. أو أنني بالفعل لا أملك الكثير. تخلّصت من أكثر من ٦٠٪ من الأدوات المطبخية، فأنا لا أطبخ أساساً!. وأشيائي التي أبقيتها بحجة “ذكريات”.

Your home is living space, not storage space.” ― Francine Jay

الحياة من صندوق.. خمسة صناديق، وحقيبة، وثلاث زرعات

على الرغم من ذلك، مازلت أشعر أنني أمتلك أشياء كثيرة. وأنني مازلت أقضي أكثر من ساعتين نهاية الأسبوع لتنظيف البيت كاملاً. نظراً لاعتنائي بأمور كثيرة حول المنزل ولا ضرورة لوجودها. قمت نهاية ديسمبر الماضي بعمليات مستمرة للتخلص مما لم أستخدمه في المنزل الجديد. وضعت تحدّياً لتقليص ممتلكاتنا نحن الثلاثة كلها إلى 5 صناديق، حقيبة و3 زرعات. لا أعلم حتى الآن ما إذا كانت قليلة جداً أو مناسبة للانتقال خلال يوم واحد في رحلة تنقّل واحدة مستقبلاً. 

صندوق رقم ١: صندوق الأشياء السارة

كان التخلص من الكتب ببيعها أو إهدائها أكثرهم صعوبة، خاصة وأنني ابتعتها خلال رحلاتي القليلة إلى الدول العربية أو مما جلبها لي الأصدقاء، ولايمكن إيجادها بسهولة في مدينتي. وضعت قائمتين للكتب المقرّبة إلي والتي أريد الاحتفاظ بها طبعاً:

  • كتب لم أقراها بعد. وأعلم أنها ستفيدني كثيراً أو لها علاقة غير مباشرة بعملي الحالي
  • كتب اختارها لي مؤازر، وأخرى كتبها الأصدقاء، وكنوعٍ من الحب الذي بيننا سأحمِلها معي أينما أذهب، لأن ذاك يُشعِرني أن أصدقائي على بعد رفّ كتب. 

بيعت مجموعة من الكتب عبر الأصدقاء ومجموعات فيسبوك المخصصة للعرب هنا، ولم أجد حتى الآن مكاناً مناسِباً لوضع الكتب الباقية خاصة وأن بعضها سياسية والأخرى اقتصادية. أبقيتها في صندوق منفصل. وبدأت البحث عن مكتبات شخصية وهو أمر أشبه بالمستحيل هنا. 

حياة خفيفة..

اتبعت النظام ذاته مع بقية الأمور المتعلقة بالصغيرين. ليس هناك أي ضرورة لامتلاك عدد لا متناهي له من الألعاب، وليس هناك أي ضرورة من إبقاء ألعاب اشتروها من ٥ سنوات، وأعلم أنهما الآن على مشارف المراهقة ولن يلعبا بها. قلّصنا عدد الألعاب والقصص إلى صندوق واحد أيضاً، تشمل: ألبوم صورهم (والذي أعمل حالياً على تحويله إلى إلكتروني)، الأشياء الخاصة التي يريدون الاحتفاظ بها، سيارات مجاهد والمسارات المرافقة لها، ميكروسكروبات دانة، الألعاب الأخرى التي ابتعناها خلال السفر وأعلم أننا لن نجدها هنا أبداً. بقية الألعاب والكتب أصبحت الكترونية بالطبع، فأطفالي الآن في مرحلة جيّدة لحفظ مقتنياتهم الكترونياً تحت متابعتي لهم.

صندوق رقم ٢: أشيائي

ربما النعمة الأكبر التي أتمتع بها هنا أننا نعيش موسماً واحِداً طِوال العام. سهّل علي هذا اتباع نظام ٣٣ قطعة خلال ثلاثة أشهر، تشمل الملابس، الأحذية، الحقائب والاكسسوارات. يكون التغيير طفيفاً جداً وتِبعاً لمللي من تلك المجموعة أو رغبتي في إضافة ألوان جديدة للقائمة واستبعاد أخرى. تمكّنت من تقليص الملابس التي أبقيتها معي سنوات عدة لأنني “ربما” أرتديها في مناسبة ما لا تأتِ.

بقي الآن ما أرتديه يومياً وثلاث أخرى للمناسبات العائلية. استبعدت الحقائب الكبيرة جداً والأخرى الثقيلة لعِلمي أنني لن أستخدمها كل يوم. إنها في الحقيقة تسبب آلاماً في الكتف. بقيت حتى الآن أربعة حقائب، وأخطط للتخلص من اثنين منها إن لم أستخدمهما خلال ٣ أشهر. وحدها الأحذية التي لم أستطِع حتى الآن تحديد عددها. إنه يتزايد بطريقة ما، ولا أستطيع التخلص من القديم منها. المهم أنه عند الانتقال إلى مكان آخر يمكنني حشر كل ذلك في صندوق واحد، ولا يُسمح لي تعدّيه.

صندوق رقم ٣: ممتلكات الصغيرين

لأنهما ما زالا في حالة نمو مستمرّة، فليس هناك أي ضرورة لاقتناء ٥ جينزات مثلاً في وقت واحد. جميع ملابسهم وأحذيتهم لا تستمر لأكثر من ٦ أشهر، ويتم التخلّص من القديم/الصغير منها باستمرار بعد أن أسألهم حتى يعتادوا تقييم مقتنياتهم مستقبلاً. أبقيت بعضاً من ممتلكاتهما في صندوق منفصل. لا أعرف، ربما يريدون استخدامها لاحقاً. وإن تناسوها، عرضناها لأصدقائنا فيما بعد.

التخفف

صندوق رقم ٤: البيت

مَن يحتاج إلى ٨ ملاءات لسرير واحد بطقومها كاملة؟ لا أحد. قلّصت العدد تدريجياً من ثمانية إلى ثلاثة بألوان غير متقاربة. سيمكنني هذا من التغيير دون وضع قيود أكثر في هذا الجانب. تقلّص العدد فيما بعد إلى اثنتين ذات جودة عالية باللون الأبيض والكريمي كأساس لملآت السرير، وكلها تناسب غطاء آخر للحاف. عوّدني هذا الأمر على تغييرها أسبوعياً وغسل المتسخ منها فوراً بدل تكديسه للأيام المقبِلة. هذا أيضاً يعني عدم تأخير قائمة الأعمال المنزلية.

في صندوق آخر، جمعت كل ما أستخدمه لتزيين المنزل يبدأ من إطارات الصور، الشموع، والمزهريات. إنتهاءً بالتحف الصغيرة التي تذكّرتني بها رحاب في سفرياتها القديمة إلى صنعاء. قسم آخر من هذا الصندوق لقناني منظفات المنزل وأدوات أخرى أحتاجها بشكل غير يومي. هناك أيضاً قناني العناية الشخصية. مازال جزء من هذا الصندوق فارغاً لأنني بطبيعة الحال أبدّلها سنوياً وشهرياً.

صندوق رقم ٥: المطبخ. الصندوق الأصغر

حسناً، إنني لست على علاقة جيدة مع المطبخ. لا شيء في مطبخي الحالي يدلّ على الحياة سوى غلاية القهوة، خلّاط للسوائل (أخطط الآن الاستغناء عنه)، غلاية ماء، محمصة للخبز. عدد بسيط من الأكواب والأواني التي أستخدمها يومياً، تكفي جميعها لمائدة بأربعة أشخاص فقط. تخلّصت من عدد غير معقول لعلب حفظ الأكل التي اشتريتها “لأن شكله حلو” ولم أستخدمها يومياً “لأن شكلها حلو!”. ولأنني لا أطبخ عادة (لم أفعلها منذ سنوات) فلم أكن بحاجة إلى قناني كثيرة للبهارات أو الزيوت. في صندوق آخر وضعت مجموعة صغيرة من الزيوت، أعلم أنني سأستخدمها في أمور أخرى حول المنزل كزيت الزيتون وزيت جوز الهند مثلاً. هذا البيت الوحيد/الأول الذي أشعر بأنني أمتلك فيها مطبخاً كبيراً ومساحات كبيرة للتخزين.

حقيبة أوروبا (3)

الحقيبة: حقيبة السفر

كل ما أستخدمه في سفرياتي يبقى دائماً في هذه الحقيبة حتى وإن لم أسافر لأكثر من 3 أشهر، القوارير الصغيرة المسموح حملها داخل كبينة الطائرة والمكعبات المستخدمة عادة في ترتيب ماهو داخل حقائب السفر (travel cubes). شخصياً لا أحبّذ الوقوف في الصفوف الطويلة في المطارات ويمكنني السفر بحقيبة صغيرة لمدة أسبوعين، خاصة وأن سفرياتي لدول استوائية أو خلال مواسم الصيف غالباً. هذه الحقيبة ستحوي فيما بعد كل ما أريد استخدامه خلال أيام الانتقال من بيت لآخر.

لماذا ثلاث زرعات؟

لسببين بسيطين: حتى يسهل عليّ حملها بنفسي داخل إحدى أكياس IKEA الزرقاء الكبيرة. ولأنني شخصياً لا أحتاج إلى أكثر من 3 زرعات وزهور طبيعية أبدّلها أسبوعياً. جرّبت زراعة الزهور ولم تدم للفترة المتوقعة إما لأنها موسمية، أو لأنني غالباً أنسى سقيها. أو أنها تأخذ فترة طويلة جداً دون إزهار، وأنا لست صبورة!.

اكتفيت بثلاث زرعات؛ اثنين منها الآن داخلية ومتوسطة الحجم (mother in law tongue و Blunt Leaf Peperomia). بقيت واحدة خارجية كبيرة مقارنة بالإثنين الأخرى أتعبني حملها من البيت القديم، وسأستبدلها لاحقاً بأخرى صغيرة داخلية. 

ماذا عنكم؟ كم صندوقاً يكفي لاختصار ممتلكاتكم؟


Deprecated: preg_split(): Passing null to parameter #2 ($subject) of type string is deprecated in /home3/aqadahbl/public_html/wp-includes/formatting.php on line 3506

أسما قدحAuthor posts

Avatar for أسما قدح

Malaysian Travel Blogger on #TRLT. En-Ar Translator & Content Writer | مدونة ومترجمة ماليزية رحالة في الطرق الأقل سفراً

2 تعليقات

  • موضوع جميل بس لو تعلمين كم حملت من العفش أثناء انتقالي لمنزلي الجديد ستصابين بالصدمة 🚚🚚🚚🚚من هذا الحجم بيت مكون من 6افراد كلما كبر حجم المطبخ كلما زادت الاغراض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *