زرت سلطنة عمان سريعاً جداً في عام ٢٠١٩، تنقلت خلالها بين المناطق الطبيعية والقرى الجميلة القريبة من مسقط. لم تتعد الزيارة ٨ ليالي، نظراً لازدحام جدول سفرياتي وتنقلاتي المتكررة ذلك الشتاء. سرقت سلطنة عمان قلبي منذ أن زرتها أول مرة مع مجاهد في ٢٠٠٤، متجولين في الخليج العربي والتي كانت أيضاً قصيرة جداً. وهذا ما جعلني أعود إليها مجدداً، لأزور مسقط، نزوى، وأسبح وأغوص في جزر الديمانيات.

لماذا عليك أن تزور سلطنة عمان؟

في المسجد الكبير بمسقط سجادة جميلة مزخرفة باليد. كانت ذات يوم أكبر سجادة في العالم حتى حطم مسجد أبو ظبي الكبير في الإمارات العربية المتحدة الرقم القياسي. قد يكون هذا الأمر مهماً، لكنه غير مهم لسلطنة عمان التي لا تتباهى بالكثير من “الأول” أو “الأكبر” في منطقة عازمة على التميّز. ما تفتخر به هو تراثها الغني واحتضانها للمجتمع، الإحساس القوي بالهوية، والاعتزاز بالماضي القديم لتجارة اللبان والسفن، والثقة في مستقبل متعلم للغاية.

أما للسائحين والزوار، فهذه فرصة نادرة للتواصل مع العالم العربي ودول الخليج العربي خاصة. ستراها بعيداً عن العدسة المشوهة للثروة المفرطة. تحتفظ مدن السلطنة بشكلها الجميل، بعيداً عن المباني العالية المشوّهة للشكل الجمالي. تكتفي بسحرها التقليدي، وتبقى القيم البدوية في قلب الترحيب العماني. مع وفرة من الجمال الطبيعي التي ستراها بعينيك، من الجبال الخلابة، والأودية الخضراء، والصحاري التي تهب عليها الرياح والسواحل البكر. سلطنة عمان هي الخيار الواضح للباحثين عن الوجه الحديث لشبه الجزيرة العربية، والتي لم تتخل عن روحها القديمة.

قلعة نزوى في سلطنة عمان
قلعة نزوى في سلطنة عمان

حكايات السفر العمانية

يرتبط التراث الثقافي النابض بالحياة في عمان ارتباطاً وثيقاً بهدايا تضاريسها، وهو يتخلل كل تجربة سفر هنا. ستكون لك قصص في كل جزء تزوره من هذه البلاد الجميلة؛ من الممرات ذات الأجواء الرائعة في سوق مطرح في مسقط، حيث تظهر الخناجر التقليدية المزخرفة. ثم الكوما المزخرفة (غطاء الرأس الذي يرتديه الرجال العمانيون) براعة فنية ممتازة وفخراً. وانتهاءً بقرى الجبل الأخضر، حيث كبار السن يرتدون الصنادل، ويتنقلون بخبرة في مسارات المزارع الضيقة، ويقطرون ماء الورد في سلطانيات فضية. كل نقطة لقاء في سلطنة عمان يثير إحساساً قوياً بالأرض والطبيعة الجميلة.

قلة من الزوار يدركون أن تاريخ سلطنة عمان يعود إلى ١٠ آلاف سنة. تشير الاكتشافات الأثرية والآثار من العصر الحجري الحديث إلى وجود مستوطنات قديمة عرفت بتجارة اللبان. وفي القرن السابع عشر، امتدت سيطرة العمانيين على الطرق البحرية والموانئ من سواحل بلاد فارس، إلى شرق إفريقيا. أما اليوم، فتشتهر البلاد بإجلالها لمناظرها الطبيعية، وتوازنها المثالي بين التقاليد والحداثة.