لم أخطط للذهاب في رحلات هايكينج طويلة في سلسلة جبال أنابورنا. فلم تغريني فكرة قضاء ٨ أيام، أو ١٤ يوماً مشياً بين القرى النيبالية. على الرغم من أنها الهدف الأساسي للكثير من الرحالة والمغامرين حينما يزورون النيبال. وربما سمعت كثيراً بمسارات مثل: حلقة أنابورنا (Annapurna Circuit) أو المشي حتى قاعدة أنابورنا (Annapurna Base Camp Trek). وبما أنني أحب رحلات الهايكينج، وربما بعض التسلق هنا وهناك، ولكن في رحلات قصيرة من يوم واحد، وتكفيني لضخّ الأدرينالين. خاصة وأنني في بوخارا، بوابة التسلق ورحلات المشي لأيام. وأردت زيارة غاندروك بأي شكل من الأشكال.
كنت مقتنعة به تماماً، حتى يوم ٢٥ أبريل ٢٠٢٢. خططت لمغادرة بوخارا في اليوم التالي إلى ناقاركوت، والذهاب في رحلات هايكينج قصيرة أيضاً. ومنها أكمل طريقي إلي باكتابور، ثم مغادرة النيبال.
تسلق جبال أنابورنا – بدون خطط واضحة!
لم ترق تلك الخطة لجون أبداً، والذي كان يفضل قضاء عدة أيام أخرى في بوخارا. فالجبال التي سنراها هناك لن تختلف كثيراً عن هنا، والموسم بأمطاره وغباره لن يختلف كثيراً عن ناقاركوت. ووعدني بأني يأتي بخطة مناسبة، تسمح لنا بإكمال إجازتنا معاً، لفترة أطول في المدينة المفضلة لكلينا. أوليت مهمة البحث والتقصي له، فقد سبَق وأن قام بكل رحلات التسلق والمغامرات في أنابورنا وغيرها. فيما قضى ٢١ يوماً، متنقلاً بين القرى، وفي مواسم الشتاء الباردة جداً قبل سنوات.
وفي لحظة جنونية، وافقت على رحلة تسلق لأربعة ليالٍ وخمسة أيام. تبدأ من بوخارا، مروراً ببعض من سلسلة جبال أنابورنا، وتنتهي في شولي بازار. هذا المسار مدروس من قبلنا فقط، وقمنا به بناء على قدراتي في المشي يومياً، مع بعض التأفف طبعاً! 🤭 بدون مرشد أو حمّال، نسير حسب ما نستطيع، ويمكننا في أي لحظة أن نقطع المسار عائدين إلى بوخارا لأي سبب من الأسباب.
اليوم الأول: المغادرة من بوخارا إلى تولكا
يوم ٢٨ أبريل ٢٠٢٢: تناولت إفطاراً جيداً، وأمامي خطة واضحة لبدء اليوم. سنبدأ الآن رحلتنا، بركوب تاكسي من بوخارا إلى كاندي (Kande)، وبدء الهايكينج إلى أستراليا كامب (Australia Camp). تبعد المسافة من بوخارا إلى كاندي حوالي ٣٠ كلم، لذلك فضّلنا القيادة إليها، خاصة وأن الطريق مخصص للسيارات، وشبه متعرج. بمجرد الوصول إلى كاندي، بدأنا المشي نحو المعسكر الأسترالي، ليست بالمسافة التي تذكر، فقط أردنا البدء من نقطة شهيرة. يعد مساراً أقل شهرة للهايكينج، مقارنة بقرية دامبوس (Dhampus). فيما تستغرق رحلة كاندي إلى أستراليا كامب حوالي ساعتين للوصول. تحتاج إلى المشي نزولاً أولاً، ثم صعوداً نحو الأعلى قبل الوصول إلى المعسكر الأسترالي.
أستراليا كامب
يقع في الجزء الشمالي الغربي من بوخارا، ويستغرق الوصول إليه حوالي ٣ ساعات مشياً. أو يمكنك فعل ما قمنا به، وهو المشي إليه من كاندي، بمسافة ربع ساعة. يبلغ ارتفاع استراليا كامل (المعسكر الأسترالي) ٢٠٦٠ متراً، عن مستوى سطح البحر. ويمكنك الاستمتاع بإطلالة رائعة على سلاسل الجبال مع المناطق المحيطة بها.
في المقابل؛ إذا قررت المبيت هنا، يمكنك الاستمتاع بشروق الشمس من استراليا كامب. ترسم الأشعة الذهبية الجبال في الصباح الباكر قبل شروق الشمس. وستعجبك بالتأكيد الإطلالة الرائعة على جبال أنابورنا الجنوبية، وهينشولي على اليمين. أو ماتشابوتشاري المهيب، المعروف أيضاً باسم ذيل السمكة، ويسيطر على كامل المنطقة. وصدقني، المناظر الطبيعية أجمل بكثير مما تتخيلها هنا!
من أستراليا كامب إلى بيتام دورالي
أكملنا طريقنا من أستراليا كامب إلى أول جزء من الرحلة. مررنا عبر حقول الأرز، والغابات، والجسر المعلق، وحتى بيتام دورالي (Pitam Deurali) على ارتفاع ٢،١٣٤ متراً. تبلغ المسافة تقريباً ١٨ كلم، مشيناها خلال ٤ ساعات. توقفنا في Trekkers Inn Lodge & Restaurant، واسترحنا هنا لنصف ساعة مع الماء والزنجبيل الساخن بالليمون.
يُعرف أيضاً باسم بيشوك دورالي (Bhichok Deurali)، أو ببساطة – دورالي. وهو مكان صغير لتناول الشاي أو الغداء مع أماكن إقامة بسيطة. إنه أيضاً المكان الأول الذي ستشاهد منه قمة داولاقيري (Dhaulagiri). القمة البيضاء الصغيرة، تطل فوق التلال إلى الشمال الشرقي، بينما تظهر في الشمال الخطوط العريضة المألوفة لجبال أنابورنا الجنوبية وماشابوشري. وهي المكان الذي يفصل فيه مسار متسلقي ماردي هيمال. يستمر هذا المسار على طول التلال، بينما بدأنا في نزولنا الحاد إلى مناطق تجمع المياه في مودي. سِر ببطء من أجل ركبتيك.
الجزء الأخير من اليوم: بيتام دورالي إلى تولكا
كانت السماء مغطّاة بالغيوم الكثيفة، وبدأت الرياح تقوى أكثر. حملنا حقائبنا، وأكملنا الطريق خشية الأمطار. وبالفعل؛ أمطرت في الطريق من بيتام دورالي إلى تولكا. القرية الصغيرة التابعة لمنطقة لوملي (Lumle).
تولكا هي قرية على طول مسار تسلق جبال أنابورنا، والتي تؤدي إلى معسكر قاعدة أنابورنا. المسار المؤدي إلى تولكا طويل، وقد يكون زلقاً في موسم الأمطار. انطلاقاً من بيتام دورالي، فإن المسار الذي يؤدي إلى تولكا منحدر طويل من ٢،١٠٠ متراً إلى ١،٧٠٠ متراً . غالباً ما يستمر المتسلقون والرحالة في السير على المنحدرات إلى المحطة التالية، وهي لاندروك (Landruk) على ارتفاع ١،٥٥٠ متراً. وإن كنت تفكر في رحلة العودة إلى المكان ذاته، فلا يوجد طريق مختصر! أفضل شيء تفعله هو عدم التركيز على الجهد، خذ الأمور بسهولة وتذكر أنه إذا أتيت إلى هنا، فمن الواضح أنك لست خائفاً من المشي المستمر.
المبيت في قرية تولكا
قررنا أن نبيت هنا بعد أن كاد المطر يبللنا لمرات عديدة، ولأنني تعبت أيضاً من المشي أكثر من ٧ ساعات. اخترنا Namaste Guesthouse، بيت الضيافة هنا بسيط للغاية، ولكنه كان نظيفاً. اخترنا غرفة تضمّ سريرين، مريحين للنوم بعد يوم طويل، وحمام خاص. لم يكن هناك سوى اثنين من المتسلّقين الآخرين، ومرشدهم. وهذا الأمر جيد جداً، فلا تريد أي إزعاج أو أحدٍ ما يستخدم الماء الساخن قبل أن تصل إليه.
لم تكن شبكة الهاتف قوية هنا بسبب الأمطار، ولكن المنظر والمكان ساحر للغاية. قضينا ساعات ما قبل العَشاء ما بين القراءة وحلّ الكلمات المتقاطعة. جلسنا في المنطقة العامة لبيت الضيافة، حيث يتجمّع المتسلّقون والرحالة هنا عادة. ثم العشاء النيبالي اللذيذ، فيما يقصّ عليّ جون كيف يكون الوضع في مواسم التسلق، حيث يتحلّق الجميع بالقرب من المدفأة.
اليوم الثاني: من تولكا إلى جينو داندا
٢٩ أبريل ٢٠٢٢: على ارتفاع ١،٧٨٣ متراً. كانت السماء تمطر طوال الليل، ولا أذكر أنني نمت براحة كبيرة مثل الليلة السابقة. أعتقد أنني من نمت في التاسعة والنصف، بعد اليوم الأول من المشي المرهق. والمهم أن الأجواء كانت مريحة للنوم جداً.
استيقظت في السادسة والنصف، أو السابعة. كنت أحاول النوم أكثر، لكن جون كان يصرخ في الخارج؛ أسرعي! ستريدين رؤية ما يحدث في الخارج. قمت متململة، فلم أعتقد أن هناك شيء ما يستحق أن أترك السرير مبكراً من أجله، وكنت مخطئة. كانت السماء صافية بعد كل تلك الأمطار التي غسلت الغبار. من بعيد، تظهر الجبال، من سلسلة جبال أنابورنا التي سلبت قلبي. الهدوء، أصوات الطيور، النسيم العليل في الصباح، والأرض المبللة من الأمطار. كانت هذه الهدية المنتظرة لنفسي.
الجزء الأول من اليوم: السير من تولكا إلى لاندروك
من تولكا، يمتد الطريق بجانب نهر مودي خولا إلى هيمالباني، حيث ستعبر جسراً وتبدأ في التوجه صعوداً. سرنا مسافة ساعتين إجمالاً تقريباً، وتوقفنا للاستراحة في وبعض الشاي لدى New Peaceful Guest House. المنظر من هنا ممتع للغاية حينما تكون السماء صافية، والشاي النيبالي لذيذ جداً. وبما أنه بيت ضيافة، فستجد عدداً من المتسلقين الآخرين. الطريق في مجمله مريح وسهل، وكالعادة هناك بعض الصعود والهبوط، ولكنك ستمرّ من النهر، وفي الأيام الحارة سيكون من الممتع وضع قدميك فيها.
وبعد مشي مسافة صعوداً لساعتين أخرى، وصلنا التل المؤدي إلى الجسر الجديد.
الجزء الثاني من اليوم: من لاندروك والمبيت في جينو داندا
لاندروك (Landruk) قرية جميلة. ستنحدر عبر الطريق لأسفل، وتعبر جسراً خشبياً. ثم تمر عبر الأدغال الصغيرة والغابة على طول ضفة نهر مودي، مع المناظر الطبيعية الجميلة لجنوب أنابورنا، وهونتشولي وشلالات المياه الطبيعية. عبرت بعدها نهر مودي على جسر معلق طويل، ووصلنا إلى الجسر الجديد. من هنا، صعدنا عبر الطريق، ولكنه كان منبسطاً ويمر عبر أشجار الخيزران الصغيرة. يستمر الطريق عبر أشجار الخيزران، والوصول إلى بيت شاي صغير، حيث يمكنك رؤية الجسر المعلق الطويل. عند الانتهاء من الجسر، يكون جينو داندا (Jhinu Danda) قريباً، ويستغرق حوالي ربع ساعة.
مررنا عبر العديد من بيوت الضيافة هنا، وكان المكان مزدحماً قليلاً باعتبار المنطقة نقطة تلاقي الكثير من المستقلين والرحالة. اخترت (Hot Spring Cottage) بدت جيدة، خاصة مع هطول الأمطار بغزارة. لم يكن بها الكثير من الساكنين، وتتميز غرفها بإطلالات جيدة على الجبال.
حينما بكيت بعد الجسر
أخاف كثيراً من الأماكن العالية، ولهذا كان السير على الجسور المعلقة صعباً علي نفسياً. حينما تكون الجسور قريبة من الأرض، يكون الأمر أسهل في عقلي، وكلما كانت المسافة أقصر كلما كان الأمر أسهل. يمكنني السير بشكل “شبه عادي” على الحواف، حتى وإن كانت آثار الإنهيارات الأرضية السابقة ظاهرة. الحيلة الوحيدة التى أفعلها ألا أنظر للمنحدر، وأُشغِل عقلي بأي شيء آخر.
في أيام الترتيبات السابقة، كنت أرى اسم الجسر الجديد (New Bridge) ظاهراً في الخريطة. لم ألق أي اهتمام للاسم، وظننته مجرد جسر حديدي معلّق عادي. وصلت إلى مكان الجسر، وهنا كانت الصدمة! لا يمكن، المسافة طويلة للغاية، والجسر عالٍ. لم يكن التخوّف من عدم ثباته، وإنما من عدم ثباتي أنا على الجسر! قطعته بعد نقاشات طويلة مع جون، ومحاولات للبحث عن طرق أخرى أسهل. لم تكن هناك أي طريقة أخرى طبعاً سوى النزول إلى الوادي، ثم الصعود مرة أخرى، لساعات.
سرت على الجسر الجديد، قطعته فيما أتنفّس بمشقة. وحينما وصلت، جلست على طرف ثابت، وبكيت. لا أعرف سبب البكاء، سوى أنني أصبحت فجأة مرهقة وساقاي بالكاد تحملني.
اليوم الثالث: من جينو داندا إلى قرية غاندروك
٣٠ أبريل ٢٠٢٢: استيقظت على ارتفاع ١٧٣٦ متراً. ومن هنا يمكنك رؤية الكثير من الجبال بقممها الثلجية البيضاء. هذه المناظر الخلابة لن تراها حينما تسكن في فنادق ٥ نجوم، صدّقني!
تشتهر جينو داندا بالينابيع الساخنة، وستجد عدداً قليلاً من المساكن أو بيوت الضيافة لقضاء ليلة فيها. وللوصول إلى الينابيع الحارة في جينو داندا عليك المشي بين الغابات المورقة حوالي ٣٠ دقيقة. معظم المساكن في المنطقة تؤدي إليها أو مدخل الغابة، وبما أننا أقمنا في Hot Spring Cottage، قررنا زيارتها في الصباح الباكر حتى تكون أقل زحاماً. للأسف، كانت هناك عمليات ترميم وإصلاحات في المنطقة، والتي يبدو أنها كانت بسبب انهيار أرضي حدث قبل أسابيع.
بعد قضاء حوالي ساعة في الينابيع الحارة، عدنا بالطريقة نفسها إلى النزل، ومن هناك بدأنا رحلة اليوم، والمشي إلى غاندروك.
عبور الجسر المعلق مرة أخرى!
كنت أحفّز نفسي وأهيؤها لعبور الجسر، خلال النزول على السلالم وبين البيوت. كان الأمر أسهل قليلاً بما أنني كنت على علم بموضوع العبور، وتهيئة نفسي. مشينا على الجسر بينما “جون” يصوّر العملية من هاتفي، وأنا أسير خلفه. أردت فقط أن أقطع المسافة دون النشر لأسفل أو الجانب، ولم أعرف كيف يبدو المكان جميلاً إلا حينما انتهينا.
الجزء الثاني: غاندروك بعيدة للغاية!
عدنا من الينابيع الحارة لتناول إفطار بسيط، وتجهيز أمتعتنا. والذي بطبيعة الحال استهلك وقتاً كافياً، فلم نكن مبكّرين -كعادتنا- حينما بدأنا المشي من الجسر المعلق. أذكر أنها كانت تشير إلى التاسعة، ولكنها كانت تزيد حرارة كلما اقتربنا من القرية. الشمس في النيبال قاسية للغاية، حتى وإن لم تكن الأجواء ساخنة جداً. كانت مشكلتي هنا عدم وجود بيوت الشاي، كما في المناطق الأخرى، الحر الشديد، والماء قارب على الانتهاء.
ولأنه كان غالباً مساراً مستوياً، كنت أرى قرية غاندروك في الناحية الأخرى. تبدو قريبة، ولكن المسار الجبلي بمنحنيات كثيرة يجعلها بعيدة جداً. لقد كنا بالتأكيد خارج المسار المطروق من قِبل المتسلقين. هنا الكثير من المنازل الفردية، ولا أعلم حتى اليوم كيف يعيشون هنا. بيوت بسيطة للغاية، ولكن الإطلالة منها تغني عن الكثير من الرفاهيات التي نعتبرها اليوم أساسيات.
بعد السير حوالي ثلاث ساعات ونصف، ومسافة ١٠،٣ كلم وصلنا إلى قرية غاندروك أخيراً! كل ما أردته نهاية هذا اليوم هو الاستحمام والاسترخاء في سرير مريح.
اليوم الرابع: قرية غاندروك، سيدة جبال أنابورنا
١ مايو ٢٠٢٢: الاستيقاظ في العصور الوسطى. تُعرف غاندروك أيضاً باسم قرية كوندا بالنيبالية، وكوندا تعني الحجر. اندهشت من شكل القرية المبينة بالكامل من الأحجار، وحتى الممرات التي مشينا فيها بين البيوت كانت حجرية بالكامل. السير في هذه القرية يُشعرك بالسفر عبر الزمن، وكأنك عدت لقرون ماضية. بدأت السماء تهطل قليلاً من الأمطار، وكنت أنا مرهقة وعطِشة للغاية، بينما جون يبحث عن كوب من القهوة. أقمنا في Dada gaun hotel، أعتقد أنه أحدث بيوت الضيافة وأفضلها في المكان. يقع في أعلى الجبل، ويطلّ بشكل جميل على القرية من عُلً، بينما الغيوم تحتضن قمم الجبال.
في اليوم التالي، قررنا قضاء جولة قصيرة في القرية، خاصة وأنها هادئة، يحتضنها الضباب. استمتعت هنا بشروق الشمس، ومناظر الجبال والريف. مشيت فيها ساعتين تقريباً، حيث الممرات القديمة الضيقة، والتي قد يفاجئك فيها قطيع من الحيوانات. يمكن للسائحين أيضاً تجربة الملابس التقليدية، والتقاط الصور. توقفت فترة في متحف غاندروك الثقافي، ثم متحف Old Gurung في القرية الذي يحافظ على ثقافة أهل القرية. المكان بسيط للغاية، وسكان القرية طيبون، ويحبون دائما تجاذب أطراف الحديث مع المارّين.
المشي بين الأمطار من قرية غاندروك إلى شولي بازار
قد يكون هذا اليوم المفضل لي، بطريقة ما. فبعد قضاء نصف النهار في غاندروك للاستراحة والاستمتاع بالمناظر البهية، حان الوقت لمغادرة القرية الجميلة. لم تكن المسافة بعيدة، لكنها مليئة بالسلالم، والمطر، والطين. كنا نسير حسب ما يسمح به المطر، حينما يكون خفيفاً جيداً. ونتوقف لساعات أحياناً حينما يتطلّب الأمر، حيث يصبح أكثر غزارة.
اليوم الخامس: من شولي بازار والعودة إلى بوخارا
٢ مايو ٢٠٢٢: ركبتي تؤلمني! لا، لم يكن ذلك تأففاً أبداً، ولكن ركبتي اليسرى تعرضت للالتواء.
لم أنم الليلة السابقة جيداً، فالمسكن الوحيد الذي وجدناه في شولي بازار كان سيئاً للغاية. المبنى قديم للغاية، ربما من بداية التسعينات، ويبدو أنهم توقفوا عن تنظيفه قبل عشر سنوات. أدّبتني هذه الرحلة، والتسلق أو المشي في جبال أنابورنا. جعلتني أتخلّى عن الكثير من رفاهيات النوم أو الوقوف تحت الحمّام الساخن لعشرين دقيقة. ولكن، لم أستطع الاستغناء بشكل كامل عن فكرة وجود حمّام نظيف.
هناك الكثير من الغرف في هذا المسكن، ويبدو أن الفندق -أو المسكن- لم يستقبل أي متسلّقين أو سائحين منذ سنوات. لم تكن هناك سوى ٣ حمامات مشتركة، وكلها بحالة سيئة للغاية، حتى جون لم يستطع استخدامها. كان الحل الوحيد هو استخدام المناديل المعقمة، والتي أحملها معي أينما سافرت. كانت مفيدة للغاية، خاصة لكارهي الجراثيم، أمثالي، وفي هذه الحالات التي تكون الخدمات سيئة للغاية.
في الصباح، لممنا حقائبنا، وكنا نستعدّ لمغادرة شولي بازار، والمشي ببطء حتى نصل إلى بوخارا. النوم السيء والإفطار الذي لا أعرف ماذا كان، لم يحفّزني للمشي أبداً. كنت أرغب في طلب تاكسي يأخذني مباشرة إلى بوخارا، فيما يريد جون الاستمرار بالمشي، ولتكون رحلة هايكينج حقيقية. وبطريقة ما، مازحني ودفعني جانباً، لتُصاب ركبتي اليسرى بالتواء. كان الألم شديداً للغاية، حتى مع محاولات المساج ولفّها. يمكنني المشي ببطء، لكن الأجواء الغائمة تنذر بهطول الأمطار، وهناك الكثير من الصعود والهبوط.
وبعد نقاشات طويلة للغاية مع العاملين في المسكن، استطاعوا مساعدتنا بجلب سيارة أجرة تأخذنا مباشرة إلى بوخارا.
ماذا حملت معي لتسلق جبال أنابورنا
بما أننا سنمشي لمسافات طويلة جداً في اليوم الواحد، وبدون حمّالي أثقال، فقد كان من اللازم تخفيف أمتعتي بالكامل. تكمن المشكلة في أن ملابسي التي حملتها من ماليزيا، ومروراً بسريلانكا صيفية وخفيفة للغاية. ولكن، بما أنك في النيبال، وهي وجهة مشهورة برحلات التسلق والهايكينج، فيمكنك ببساطة استئجار أدوات وملابس للتسلق. حملت حقيبة Fjallraven Kanken الكلاسيكية مع حزام مبطن للأكتاف، والتي كانت في الأساس لالكترونياتي. تتميز بخفّتها وصِغر حجمها، إضافة إلى وجود غطاء ضد المطر. وضعت فيها:
- القمصان: قميصان بدون أكمام، أرتديها كقطع داخلية.
- قمصان بأكمام طويلة: اخترتها من الكتان، بأكمام طويلة ليحميني من الشمس في النهار.
- البناطيل القصيرة والطويلة: الجو معتدل غالباً في النهار، على الرغم من ذلك ارتديت legging طويلة تساعد على حمايتي من حرّ الشمس، والناموس والمشي بين الأشجار.
- الملابس الأخرى: حملت معي جوربين مخصصين لرحلات التسلق، ومصنوعة من المارينو. يتميز بتأقلمه مع الأجواء الحارة والباردة. إضافة إلى عدد كافٍ من الملابس الداخلية طبعاً.
- للتدفئة: في الليل كان لديّ بنطال Extra Warm Leggings، مع قميص ثيرمال أيضاً Extra Warm Crew Neck. إضافة إلى جاكيت مبطّن بالريش Ultra Light Down، وقبعة Beanie من الكاشمير.
- للحماية من المطر: جاكيت Arcadia™ Casual Jacket.
- أدوات العناية الشخصية: القليل واللازم فقط؛ صابون للاستحمام، صابون للوجه، وقطعة شامبو. فرشاة ومعجون الأسنان، والمناديل المعقمة.
- أدوات التسلق الأخرى: بالطبع عصا التسلق، وقاروة ماء، وبعض الوجبات الخفيفة عالية السكر لتناولها خلال المشي.
هل يُناسبك هذ المسار؟
غالباً لا!
إن لم تكن في بوخارا أو لديك أصدقاء يساعدونك في المشي ورحلات الهايكينج في النيبال، فمن الأفضل أن تنضم إلى رحلات التسلق التي تديرها شركات متخصصة. فكما ذكرت سابقاً، لم تكن أي من مسارات جبال أنابورنا جديدة على جون بحكم سيره في عدد منها خلال السنوات السابقة. فحتى حينما كنا نُعدّ لهذا المسار استشرنا عدداً من أصدقائه والسكان المحليين الذين جربوه سابقاً. إنه أقصر مسافة، وعدد للأيام، وهو ما ناسبني جداً. خاصة وأنني أردت الاستراحة ليوم كامل قبل مغادرة بوخارا، والسفر إلى باكتابور.
لا تعليق