كامبوت (Kampot) هي المحطة الثانية لي في كمبوديا. آثرت أن أزورها بدلاً من التوقف مرة أخرى في مدينة سيام ريب التي زرتها العام الماضي، وكذلك عِوضاً عن العاصمة فينوم بِنه المزدحمة بكل شيء. اخترت هذه المدينة الصغيرة بسبب هدوئها، يتوسطها نهر، وتحيط بها الطبيعة من كل الاتجاهات. مع وجود الكثير من المزارع لاسيما الفلفل الأسود، وبعض الحدائق والمعابد. إضافة إلى أنني وجدت مكاناً فيها يمكنني التطوّع فيه عبر موقع Workaway. لتكون تجربتي الأولى التي كانت حماسية جداً ومختلفة بفكرتها والعاملين فيها.
تعرّف على مدينة كامبوت
أكثر أمر جعل كامبوت (Kampot) ذات منطقة سياحية هو وجودها على ضفاف النهر. وكل مَن يذهب إليها يهدف إلى للاسترخاء قبل كل شيء. وعلى الرغم من تمدد المدينة في نواحٍ أخرى بعيدة عن النهار، إلا أن معظم السواح يقضون معظم وقتهم في الاستمتاع بالنهر والريف المحلي. يعتمد اقتصاد كامبوت على إنتاج الملح والفلفل، وصيد الأسماك، وزراعة الفواكه الاستوائية كالدوريان. إضافة إلى الصناعات الخفيفة مع السياحة الداخلية والخارجية. والأخيرة ساهمت بشكل كبير على اقتصادها في السنوات الثلاث الأخيرة.
تشهد كامبوت (Kampot) -كما في بقية مدن كمبوديا- طفرة في التنمية والسكان. كما يتوافد إليها أعداد كبيرة من المتقاعدين الأوروبيين والأمريكان، للاستقرار وامتلاك المطاعم والحانات وبيوت الضيافة فيها. زادت أعدادهم بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية، وانتشرت الكثير من المطاعم التي تقدم وجبات إيطالية وفرنسية وإسرائيلية.
أفضل وقت لزيارة كامبوت في كمبوديا
يمتد الموسم السياحي في كامبوت (Kampot) من نوفمبر إلى منتصف أبريل. ويكون يناير هو الشهر الأكثر ازدحاماً بالسوّاح. تزيد الحرارة في أبريل، وتنخفض كثيراً في ديسمبر. وحسب ما يقوله السكان المحليون؛ تزيد الأمطار بشكل عام في سبتمبر وأكتوبر. ولكن، بما أنها دولة آسيوية، فمن الممكن أن تهطل الأمطار الغزيرة طوال السنة. فيما تنخفض بنسبة كبيرة مابين يناير ومارس.
تتراكم الشركات السياحية على طول الممشى على ضفاف النهر. فيما تتواجد أعداد كبيرة منها كذلك حول السوق القديم. طوال فترة إقامتي في كامبوت كنت أحرص على المشي يومياً على ضفة النهر قبل الغروب. الممشى مرصوف بأكمله ويمتد من الجسر الجديد عند الطرف الشمالي. ستجد بعضاً من الباعة المتجولين، يعرضون الأطباق المحلية والشعيرية المقلية. كنت أفضّل شراء كمياتٍ من الفواكه الإستوائية وتناولها على إحدى الكراسي. كانت أجمل اللحظات التي أنتظِرها طِوال اليوم.
كيف تصِل إلى مدينة كامبوت، جنوب كمبوديا؟
لم يكن من المعقول قطع أكثر من ١٢ ساعة بالحافلة في كمبوديا بالنسبة لي. وفي الحقيقة، لا تتوفر في كمبوديا حافلة واحدة تقطعها من شمالها (كبلدة بانلونغ مثلاً) حتى جنوبها، كامبوت (Kampot) مثلاً. لهذا، اخترت حجز تذكرتي سفر بالحافلة حتى أصل إلى كامبوت. كان الجزء الأول من بانلونغ وحتى العاصمة فينوم بنه، لستة ساعات. ثم الجزء الثاني، في اليوم التالي من فينوم بنه وحتى كامبوت (Kampot) بحوالي ساعتين ونصف. ومرة أخرى؛ لأنها كمبوديا، فالجميع هناك سيحاول استغلالك بشكل فاحش بما أنك سائح. لذلك آثرت شراء تذاكر الحافلتين بنفسي عبر موقع 12Go.Asia، والذي من خلاله أجد الكثير من الحافلات بأسعار أقل مما تعرضه بيوت الضيافة.
وبما أنني لست من عشّاق المدن وزحامها، لم أكن مهتمة بزيارة أي مكان في العاصمة فينوم بنه (Phenom Penh). سكنت على مقربة من وسط المدينة، حتى أكون بالقرب من محطة الحافلات. مشيت تلك الليلة قليلاً، ولم يكن فيها حقيقة ما أذهلني. كانت كأي عاصمة آسيوية أخرى، مزدحمة بالدراجات النارية، والناس، والعلامات التجارية العالمية. من الطريف أن الحشيش ممنوع قانونياً في كمبوديا، لكنه يُباع بشكل علني في كل مكان، للسواح خاصة، أمام القصر الملكي! وبالطبع ستجده كذلك في أشكال عادة، حتى البيتزا (Happy Pizza).
نصيحة:
تعتبر كامبوت (Kampot) الملجأ الأول للكمبوديين خلال إجازات الأسبوع، والإجازات الرسمية. قد تجد صعوبة في إيجاد مقعد في حافلة متجهة إلى كامبوت إذا تركتها حتى آخر لحظة من سفرك. في المقابل، قد تمتد الرحلة من ساعتين إلى ست ساعات خلال إذا كان الطريق مزدحماً جداً.
تجربة التطوّع الأولى في كمبوديا
كنت أراسل مجموعة من الملّاك وأصحاب الأعمال للتطوّع والعمل لديهم، قبل مغادرة لاوس، وذلك بهدف خوض تلك التجربة خلال رحلاتي هذه كنوع من التغيير. لا أريد أن أكون مجرّد سائحة تتجول في كل مكانٍ، أو تزور ما كتب عنه الدليل السياحي. لم تكن هذه طريقتي في السفر على كل حال. أردت أن أجرب العيش والعمل مع الكمبوديين، ربما تتغير نظرتي السلبية عنهم. وبالطبع؛ لم أكن أعرف ما تخبئه لي الأيام.
سجّلت في موقع Workaway المتخصص في العمل مقابل توفير سكن ومأكل. كانت تلك نقطة إيجابية بالنسبة لي، على الرغم من أن المبيت في المساكن المشتركة أو بيوت الضيافة لم يكن مكلفاً على أية حال. وحينما كنت في لاوس، متوجهة إلى قرية كونغ لور في الجنوب، كنت أبحث عن مكانٍ مناسب في كمبوديا، أي مكان. لم تكن كامبوت (Kampot) الخيار الأساسي في الحقيقة، لكنها جذبت انتباهي. وجدت من ضمن الأعمال المعروضة في الموقع مَن يطلب المساعدة في ترميم مسكن للشباب (hostel) إلى جانب الحانة المرفقة.
أمور غير متوقعة..
كنت متحمّسة للتجربة أكثر من أي شيء آخر، وظننت أنني بما أملكه في المجال السياحي سأستفيد وأتعلم أكثر. ما حدث؛ أنني تعلّمت درساً جيداً، أن لا أثق في الإدارات التي لا ألتقيها وجهاً لوجه. صاحب العقار كان مشغولاً طوال يومه، ولم تكن هناك أي وسيلة للتواصل معه إلا عبر مساعدته الخاصة. والتي -بالطبع- كانت كمبودية. وأعتقد أن حاجز اللغة كان أكبر عائق للتفاهم بينها وبيني، وكذلك بقية العاملين من الأجانب. لم تكن هناك أي ميزانية محددة لشراء المعدات التي نحتاجها. وحتى مع بدء بعض من الأعمال والترميمات، كان علينا التوقف في مراحل ما. وضعنا خطة مبدئية لإنجاح المشروع، فقد أخذناه كتحدٍ وإنجاز شخصي.
وجودي الحالي في كمپوت، كمبوديا عشان أتعلم صنعة جديدة عن طريق التطوع. العمل المطلوب مني مساعدتهم في تأسيس هوستيل والبار الملحق به. هم اشتروا المكان من شهرين وعمالين ينظفوه عشان يكون جاهز لاستقبال السواح والزوار قبل الموسم.
هنا👇حاتكلم عن التجربة يومياً#AQtravel #Cambodia #Kampot pic.twitter.com/0mWMC6zoAg— asma Qadah 🇲🇾 (@a_Qadah) September 29, 2018
أعتقِد أنني بعد حوالي ثلاثة أيام من التخبط، آثرت ترك المكان. كان يذكّرني إلى حدٍ كبير بعملي السابق، ولم أكن أريد خوض التجربة السيئة ذاتها. المهم أنني في هذه المرحلة عرفت جيداً ما يستلزمه امتلاك عمل خاص كبيوت الضيافة، وماهي الأسس التي يجب بناؤها والترتيبات الأساسية التي عليّ وضعها. اعتذرت من صاحب العمل في أن هذه البيئة لا تناسبني أبداً. ومنذ أن تركت المكان، أردت العودة بشكل جدّي إلى نقطة داخلية تجعلني أستمتع بكامبوت بشكل أفضل.
الاستمتاع بأجواء كامبوت (Kampot)
استأجرت غرفة خاصة في منتجع Bamboo Bungalow الذي يقع على النهر مباشرة. كان أفضل خيارٍ لي للانعزال بشكل غير كامل، مع وجود عدد من الرحالة هناك. أذكر جيداً وجبات الإفطار التي كنت أحرص على تناولها في الشرفة الخاصة الملحقة بالغرفة. وفي الليل، كانت الأصوات خير مؤنس لقراءاتي وكتاباتي في ذلك المكان. البطء الذي يخيّم على كامبوت (Kampot) بشكل عام هو جزء من سحرها. حركة المرور قليلة للغاية ومن السهل التجول في الشوارع الواسعة سيراً على الأقدام أو بالدراجة أو الدراجة النارية. الحياة بطيئة هنا، إلا أنّ الأجواء تصبح حارة جداً في الظهيرة وما بعدها. وهذا بالطبع مدعاة للاسترخاء في الأراجيح أو السباحة في النهر.
المناطق السياحية والفعاليات في كامبوت
زيارة الكهوف المحيطة بمدينة كامبوت
يمكنني اعتبار كامبوت بجنة هواة التسلّق! لا تستهويني كثيراً، لكنها أفضل بالنسبة لي من المشي فقط طوال اليوم في نفس المكان. في المقابل، فكّرت أنه من الأفضل تجربة الدراجات النارية بنفسي هذه المرة. فليس هناك أي زحام أو طرق طينية غير مريحة. وفي معظم الأحيان؛ الطريق معبّد هنا. ستكون لديك مرونة كاملة في اختيار الطريق الذي تريد وسير خط الرحلة.
توجهت إلى كهفين، لهما مدخل واحد تقريباً. تعتبر هذه الكهوف صعبة بعض الشيء للتنقل، حيث أنه من الصعب العثور على المداخل والمخارج الصغيرة داخل الكهف نفسه. ستجد بعضاً من السكان المحليين يتحدثون الإنجليزية بشكل جيد، ومنهم أطفال كذلك. سيسألونك إذا كنت ترغب في مرشد أو دليل. لم تكن الفكرة سيئة، وطلبت من أحد الأطفال مرافقتي مقابل دولارين. لم يكن الأمر سيئاً على الإطلاق. ففي منتصف الطريق شاركنا أطفال آخرون، وكنا نتبادل النكان. كانت فرصة جيدة للتعرف عليهم بشكل عام.
بركة اللوتس في كمبوديا
في الطرف الجنوبي لكامبوت، خلف بيت الحاكم، توجد بركة لوتس كبيرة. يُقال أن بِرك اللوتس تنتشر في الأرياف حول كامبوت كذلك. وبينما قد تكون مدركاً للرمزية الدينية للوتس في جنوب شرق آسيا. قد لا تدرك أن اللوتس يستخدم على نطاق واسع أيضاً في كثير من الأطباق المحلية. وتستخدم الأوراق الكبيرة “وسائد الزنبق” لتغليف الطعام من أجل التبخير. في حين يتم تناول كل من السيقان والبذور.
لذا؛ ستجد الكثير والكثير من برك اللوتس أثناء سفرك في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا. خاصة، على ما يبدو، كمبوديا. البركة في كامبوت (Kampot) مميزة بعض الشيء، لأنها تقع في وسط المدينة. زيارتي لها كانت في آخر الصباح لم تكن فكرة جيدة. كانت الشمس حارة جداً، والكثير من الأزهار غير موجود.في المقابل، تبدو البركة بقعة استراحة شهيرة مساءً.
زيارة معظم المناطق في كامبوت (Kampot) بواسطة الدراجة يعتبر أوفر خيار. ٥ دولارات لليوم، وكان الوقود حوالي ٢ دولار لخزان كامل. يمكنك استئجار الدراجات النارية والعادية في معظم الفنادق، إن لم يكن يمكنك العثور عليها في المدينة.
مكتبة كامبوت التي تشبه صالة بيتي!
وجدتها مصادفة في طريقي للبحث عن مطعمٍ جديد في اليوم الأول لي في كامبوت (Kampot). أشهر المحلات هناك كانت مقاهٍ ومحلات للفطائر، كنوع من التأثر بثقافة المستعمر الفرنسي. ولا أدري كيف جاءت القهوة هنا! لا يهم.. ما يهمّني هنا أنني وجدت مكاناً صغيراً هادئاً للقراءة، كتغيير لأجواء الغرفة. معظم المطاعم والمقاهي والحانات في كامبوت (Kampot) ليس مكاناً مثالياً للقراءة. هي مكان جيد للقاء أناس جدد والحديث معهم، فقط. كانت مكتبة Bookish Bazaar ملجئي كل ظهيرة.
هناك؛ يمكنني اختيار أي كتاب والجلوس في الدور العلوي للقراءة. يعود المكان لشخص فرنسي لم ألتقيه هناك، ووجدت عاملاً كمبودياً يبتسم فيما كنا نتحدث. استأذنته بأنني سأمكث هنا ثلاث ساعات على الأقل يومياً، وبالطبع سأطلب الكثير من جوز الهند البارد. حميمية غريبة تغطي هذا المكان، تذكرني بصالة في أحد البيوت التي سكنتها في كوالالمبور. كانت جنّتي الصغيرة الهادئة للخلوة مع عدد كبير من الكتب، حتى أن هناك كتباً لم أتخيل في يومٍ أنني سأمسك بها، عوضاً عن قراءتها.
جنة الكتب..
تحتلّ الكتب الإنجليزية جزءاً كبيراً من المكتبة، ويعود ذلك بالطبع إلى انتشار اللغة. لكن النقطة التي أذهلتني أكثر، أنه يمكن تبديل الكتب، أو شراؤها. هناك تسعيرة معينة لعدد الصفحات، ولا يهمّ نوع الكتاب الذي تريد تبديله. الكثير من الكتب هنا كانت لا تتجاوز 5 دولارات، ولولا أنني كنت حينها في منتصف طريقي لكنت اشتريت الكثير منها. ستجد بالطبع لغات أخرى كالفرنسية والألمانية والبرتغالية، ووجدت حتى مجموعة صغيرة من الكتب بالملايوية.
الضوء الخافت في المكان معتمداً على ضوء الشمس. الموسيقى الهادئة التي كانت تعطي المكان رونقه الخاص، ثم الهدوء. ليس هناك أحد سوانا، العامل وأنا! ربما زار المكان ثلاثة رحالين كأكبر عدد يمكنني تذكّره. أو ربما كانوا يزورونه في أوقات مختلفة حين أكون في مكانٍ آخر. ستجد على إحدى الجدران لوحاتٍ رسمت على صفحاتٍ من الورق، رسمها فنان برازيلي وعرضها صاحب المكتبة هناك. ولو أمكنني اختيار مكانٍ مفضل وحيد في كامبوت، فسيكون هذا المكان بالطبع!
بعد قضاء حوالي أسبوعٍ كامل في كامبوت (Kampot)، كان الوقت مناسباً للذهاب إلى مكانٍ آخر. اخترت هذه المرة جزيرة كوه رونغ سوملم التي تقع في أقصى جنوب كامبوت (Kampot). كانت هي كذلك تجربة غير متوقعة، وكانت سبباً في بدء حملة تنظيف الشواطئ خلال السفر. سأحكي كل تفاصيلها في التدوينة القادمة، كونوا بالقرب! 🙂
تدوينه جميله يا اسما، ولكنني اعتقد ان الصور المتحركة ازعجتني فيما كنت لم اكمل قراءه النص الذي قبلها
رائعة التجربة التي عشتيها في كمبوت وأعجبت اكثر بتوجهك للأماكن الهادئه والجميلة بدلا من المدن الكبيرة والمزدحمة