السفر الواعي(Responsible Travel) أو السياحة الواعية مصطلح يتكرر كثيراً مواقع السفر غير العربية. ولم أتفاجأ حين لم أجد أي مرجع عربي يتحدث عن هذا الموضوع، فحين تحدثت مع بعض من العاملين في السياحة العربية عن موضوع السفر الواعي، لم يكونوا يعرفون شيئاً عنه! والأمر على كل حال ليس بذلك الصعوبة إن اشتركت كل الفئات بتأدية دورها، وإشراك السكان المحليين للعمل على استدامة صناعة السياحة. فهل تساءلت يوماً كيف تكون مسافراً واعياً؟
إن لم تكن تعلم، فقد عمِلت لدى شركتين سياحيتين في ماليزيا، إحداهما كانت متخصصة في المجموعات السياحية والأخرى للعائلات والأفراد. والآن لديّ عملي السياحي الخاص، ونتج عن ذلك احتكاك مباشر مع عدد كبير من المسافرين والسياح بكل أشكالهم وجنسياتهم. وبغضّ النظر عن المشاكل اليومية المتعلقة بالسياحة فقد كانت هناك مشكلة واحدة مزعجة دائماً، ولم أكن أستطيع في كثير من الأحيان تصحيحها. في المقابل؛ لا يعني ذلك أن جميع مَن كانوا يفِدون إلى ماليزيا للسياحة -مثلاً- كانوا سيئين، كانوا فقط أقل وعياً، أو ربما؛ لم تخطر هذه الفكرة في بالهم.
مفهوم السفر الواعي (Responsible Travel)
أو السياحة الواعية (Responsible Tourism) تشبه إلى حدٍ ما السياحة المستدامة. ولكن غالباً ما تكون كلمة الاستدامة عامة وغير مفهومة. لذلك تم اعتماد مصطلح السفر الواعي (Responsible Travel) أو السياحة الواعية (Responsible Tourism) في الصناعة السياحية. وبتعريف مبسّط؛ هي أي شكل من أشكال السياحة التي يمكن استهلاكها بطريقة أكثر مسؤولية. يكون ذلك عبر:
- التقليل من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية السلبية
- توليد فوائد اقتصادية أكبر للسكان المحليين وتعزيز رفاهية المجتمعات المستضيفة
- تحسين ظروف العمل والدخول في هذه الصناعة
- تضمين ومشاركة السكان المحليين في القرارات التي تؤثر على حياتهم وفرص الحياة
- تقدم مساهمات إيجابية للحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي الذي يشمل التنوع
- توفير تجارب أكثر متعة للسياح من خلال التعامل المباشر مع السكان المحليين، وفهم أكبر للقضايا الثقافية والاجتماعية والبيئية المحلية
- إتاحة التسهيلات والسبل للأشخاص الذين يواجهون تحيات جسدية
- الوعي الثقافي، وتشجيع الاحترام والثقة بين المسافرين والمستضيفين
تأثير صناعة السياحة على البيئة
للسياحة والسفر ككل تأثير عميق على العالم. من ناحية، يمكنها -وهي تفعل- أن تساهم في الهدر، وتقلل من الموارد الطبيعية، وتمسّ النظم البيئية سلبياً. من ناحية أخرى، تلعب صناعة السياحة دوراً حيوياً في تنمية المجتمع، والمحافظة عليه وتعزيز التراث الثقافي، وتحسين معيشة السكان المحليين. وفي حين أننا قد لا نمحو بصمتنا البشرية بالكامل على المناظر الطبيعية في العالم، إلا أنه يمكننا بذل جهود لاحتضان السياحة الواعية ومكافحة تلك الآثار السلبية.
يؤثر كل اختيار من قبل صناعة السياحة والسفر على البيئة، ولكن السفر الواعي (Responsible Travel) ليس بأمر صعب أبداً، وذلك بفضل زيادة الشركات السياحية التي تعطي الأولوية للممارسات المستدامة. فمثلاً؛ تستخدم بعض الفنادق مواد غير ضارة بالبيئة، وتحولت شركات الطيران إلى الوقود البديل لتقليل الكربون، فيما تسمح للعملاء بشراء تعويضات الكربون بأميال طيران متكررة. وحتى الرحلات البحرية بدأت تشهد تغيّراً، وذلك بالاستعانة بمصادر خارجية للحصول على الغذاء من مصائد الأسماك المستدامة، أو حتى إلى تمويل مشاريع ترميم الشعاب المرجانية.
وعاماً بعد عام، تقوم المزيد من الشركات بتشجيع السفر الواعي من خلال السياحة المستدامة. إضافة إلى تنمية المجتمعات، عدم تبذير الموارد الطبيعية، والمحافظة على التراث الثقافي. لكل شركة رؤية فريدة لحماية المكان الذي نسافر إليه، والحفاظ عليه؛ تبدأ بدعم تخفيض الطاقة المستخدمة في الفنادق أو المطارات. وخلق تجارب غير عادية تعيد المسافرين إلى القضايا المحلية، ورعاية (واستعادة) الأحياء المهددة، وإشراك السكان المحليين في صناعة السفر.
كيف تكون مسافراً واعياً؟
احترام الثقافة المحلية
أهم أمرٍ فيما يتعلق بمفهوم السفر الواعي (Responsible Travel) وممارساته. فإحدى أكثر الأمور جمالاً في السفر والترحال هو التعرّف على الثقافات الأخرى، وهناك دائماً ثقافات مدهشة وغريبة عنك. والتعرف عليها يجعل من السفر أمراً ممتعاً للغاية. لذلك؛ عندما تسافر إلى الخارج، ستصادف معتقدات ومُثُل وعادات ربما لم ترها أو تسمع بها من قبل. وأهم شيء يمكنك القيام به كمسافر واعٍ هو ضمان احترامك لهذه الثقافات وتقبّلها، والعمل بها هناك. على سبيل المثال؛ يُنظر إلى لمس رأس شخصٍ ما في الدول الآسيوية إلى كونه أمراً مهيناً، أو توجيه أقدامك إلى شخص آخر ليس بمحبذٍ أبداً. في الصين؛ تنظيف أنفك في مكان عام يعتبر عيباً، وعلامة الإبهام للأعلى مثلاً تعتبر سيئة في إيطاليا عكس البلدان الأخرى.
ستجد كذلك مَن يختلفون عنك دينياً، لا تجادل أحداً في دينه ومعتقداته، ولا يحق لك بأي طريقة دعوتهم إلى دينك ما لم يكونوا مهتمين به. تسوؤك المعابد البوذية والكنائس والمساجد؟ لا تزرها! وإن زرتها تحلّى بآداب أماكن العبادة. حتى وإن كنت لا تؤمن بذلك المعتقد، لا يحقّ لك أن تعيبه أو تعيب رموزه وتخرّب مبانيه. تأكد من قراءة الاختلافات والعادات الثقافية، وتعلمها واحترامها عندما تزور بلداً آخر. سيساعد ذلك في جعل تجربتك أكثر متعة، وسيجعلك ضيفاً مرحّباً به أينما حللت.
السياحة الواعية تعني إفادة السكان المحليين
ما لا أفهمه أبداً أن يسافِر أحدهم ويتناول من مطاعم الوجبات السريعة، أو يحرص على أن تكون قهوته من ستاربكس. زر على الأقل المطاعم المحلية وتناول وجباتٍ محلية؛ ستفيد مباشرة السكان المحليين بدلاً من سلاسل المطاعم العالمية. وهذا يعني أن المكاسب المالية تظلّ في المنطقة التي تزورها، ويستفيد منها السكان المحليون أيضاً. وإذا زرت مطعماً محلياً؛ احرص على تذوق بعضِ من الأطباق المحلية. هذه الجملة الأخيرة لتغيير الفكرة المتركّزة في معظم المسافرين العرب حينما يبحثون عن مطاعم عربية في ماليزيا، ولا يتناولون غالباً إلا منها -إلى جانب الوجبات السريعة- طبعاً. وهذا ما يحدّهم في كثير من الأحيان استكشاف مناطق أجمل في ماليزيا.
يشبه ذلك إلى حدٍ ما مَن يسافر إلى أي بلد لشراء منتجات الماركات العالمية! أمر آخر لا أفهمه حين يبحث الكثير من المسافرين عن مراكز التسوق التي تبيع تلك المنتجات المستوردة، وغالباً ما تكون أسعارها أغلى من البلد الذي أتيتَ أنت منه.
ماذا عن السكن؟
يتعلّق الأمر نفسه عند اختيار فنادقك؛ فليس من المعقول أن تسافر وتسكن في فنادق عالمية مثل شيراتون وفور سيزن وماريوت وغيرها. إنك بهذه الطريقة تفصل بينك وبين السكان المحليين، وهو عكس ما نريد تحقيقه من خلال السفر الواعي. المتعة الأكبر التي أجدها خلال رحلاتي هي السكن في الفنادق أو المساكن المحلية، وهناك الكثير منها في أي مكانٍ تذهب إليه. وبصراحة أكثر؛ أفرح أكثر حينما لا يكون موقع سياحي مشهور به فندق عالمي. إضافة إلى ذلك فإن السكن في الفنادق المحلية غالباً ما تكون أقل تكلفة، والعاملين عليها أكثر حرصاً على نظافة المكان. أسكن كذلك في بيوت الضيافة لدى السكان المحليين. هذا الأمر يجعلني أتحدث إليهم كلما أمكن، وأسألهم عن المكان الذي أزور.
فكّر جيداً قبل التعامل مع الحيوانات البرية
إحدى أهم القضايا بالنسبة لي شخصياً. أنزعج كثيراً حين أرى مَن يقدّم الخبز للأسماك في الرحلات البحرية. لم؟ دعني أسألك: هل تأكل أنت مأكولات هذه الأسماك أو الأحياء الأخرى؟ بالطبع لا! ما الذي جعلك تظنّ إذن أن بقدرتها هضم طعام البشر؟ قِس على ذلك إطعام القرود بشكل عام حتى وإن كانت الفواكه.
خلقت هذه الحيوانات ولديها القدرة على البحث عن طعامها بنفسها، وعندما تطعِمها أنت، تغيّر في نفسيتها. تجعلها تتطلّب أكثر من البشر، وهذا ما يجعلها تهجم على الناس وتسرق كاميراتهم أو حقائبهم. إنها ليست سيئة في طبيعتها، نحن مَن جعلها كذلك.
ستصادفك كذلك رحلات يُعلن عنها أنها “برية”. صدقني معظمها ليست كذلك! وأسوأها على الإطلاق ركوب الأفيال سواءً في آسيا أو أفريقيا. ومثلها السباحة مع حوت القرش والدلافين في المكسيك والفلبين. على الرغم من الإعلان البارع وجاذبية الحصول على هذه اللقطة المثالية لانستقرام، فهذه الرحلات تلحق أضراراً كبيرة بالحيوانات. يتم تداول النمور في السوق السوداء وتخديرهم بحيث لا يهاجمون البشر، وتخيل؛ لم تُخلق ظهور الفيلة لتحمّل ثقل الإنسان! ناهيك عن الطريقة السيئة التي يتم التعامل فيها مع هذه الحيوانات. كثرة الرحلات البحرية تهدد حياة الأسماك والشعب المرجانية، ولهذا تضع الكثير من الدول الآن تشديداً على تلك المناطق لحمايتها.
كتجربة شخصية..
في رحلتي إلى ولاية صباح لزيارة محمية قرود أورانغ أوتان، أخبرني المسؤولون أنه من الجيد إن لم تخرج القرود لتناول الطعام أمامنا. لم أفهم كيف أن يكون ذلك جيداً، فقد استيقظت باكراً لرؤيتها!. الأمر جيد إن لم تخرج لأن هذا يعني أن لديها ما يكفيها من طعامٍ في الغابة. الأهم هنا لست أنا الآتية من أقصى ماليزيا، المهم هذه القرود وحياتها الطبيعية. في تايلاند؛ كنت أنزعج من كثرة الرحلات التي تشمل ركوب الأفيال. يزعمون أنهم يرعونها بدلاً من عملها في نقل الخشب. وفي لاوس، رأيت أمامي فيلاً ضخماً، لكنه كان منكسراً وحزيناً وفي قدمه سلسال.
قبل حجز أي رحلة برية؛ فكر في رفاهية هذا المخلوق قبل أن تفكر في صور انستقرام. وإذا كنت تريد أن ترى هذه الحيوانات عن قرب، انضم إلى منظمة تترك الحيوانات ترتع بسلام في بيئاتها الطبيعية.
اختر الفنادق والشركات السياحية المستدامة
حسناً.. لا تعني السياحة المستدامة إرهاق ذهنك بكل التفاصيل. أعلم ذلك، لكن؛ خصص وقتاً قليلاً للقراءة عن المكان الذي ستسكن فيه، والشركة السياحية التي تحجز عن طريقها. هناك مسؤولية كبيرة على الفنادق والشركات السياحية، ولو أن كليهما لم يؤدِّ واجبه، فقد لا تستطيع السفر إلى مكانٍ ما مستقبلاً. لن أعيد عليك محاضرات الاحتباس الحراري، فأنت تعرف شيئاً ما عنها على الأقل. اختر الفنادق التي تعمل على تقليل إهدار الموارد الطبيعية، أو حتى الطاقة. ابحث عن الشركات السياحية التي تلتزم بتخفيض انبعاثات الكربون، أو ابحث عن المطاعم التي تشجّع على إعادة التدوير والحد من الهدر، أو لا تستخدم البلاستيك، وتدعم المزارعين المحليين وتوظف السكان المحليين كعاملين أيضاً. قد تكلف هذه الأماكن أكثر قليلاً مقارنة بمنافسيها، ولكن من خلال إنفاق نقودك لديهم فأنت تبذل جهوداً واعية لاستمرار السياحة المستدامة، كما أنك تخبر الشركات الأخرى بأن هذا نموذج يستحق الدعم.
يمكنك كذلك بدلاً من أخذ سيارة أجرة للتجول عندما تكون مسافراً، ابحث دائماً عما إذا كانت هناك خيارات للنقل العام للمساعدة في تقليل انبعاثات الكربون. إذا كنت ستستكشف مكاناً واحداً، ففكر في المشي بدلاً من استخدام وسائل النقل العامة. هذا الأمر ليس فقط لخفض الانبعاثات، ولكنه مفيد أيضاً لمحفظتك، ويسمح لك بالتعرف على المدينة بشكل أفضل. الطائرات هي أيضاً سبب كبير لانبعاثات الكربون، لذلك إذا كان لديك وقت في عطلتك لماذا لا تعتمد على السفر براً بدلاً من الطيران؟ هناك الكثير من الأشياء الصغيرة التي يمكنك فعلها للمساعدة في تقليل انبعاثات الكربون على الطريق.
ارتدِ لباساً محتشماً ومناسباً للمكان
حرِصت على وضع هذه النقطة ضمن أسس السفر الواعي لأهميته، فمن المهم مراعاة قواعد اللباس المحلية قبل أن تصِل إلى أي بلد لتجنب الاحراج. بعض الدول الآسيوية لا تحبّذ لبس البناطيل القصيرة للرجال والنساء على السواء، أو حتى كشف الكتفين. لتعرف ما الذي عليك ارتداؤه في بلدٍ ما، ابحث في صور السكان المحليين، لا تبحث عن صورهم في المناطق السياحية بالطبع! إذا لم ترَ أياً منهم على سبيل المثال يرتدي لباس البحر في الشوارع العامة، فلا تفعل ذلك، مهما كان الجوّ حاراً. كما أن البنطال القصير ذو الزهور الاستوائية مكانه على الشاطئ، وليس مراكز التسوق. وهذا ما جعل دولاً مثل ماليزيا وإندونيسيا وحتى سنغافورة تمنع دخول أشخاص إلى مطعم أو محلٍ ما فقط لأنهم يرتدون أحذية غير مناسبة. لا تجادل حينها، فقط غادر المكان وعُد لاحقاً. تذكّر أنك ستمشي في الشارع، ولست في بيتك، ومراعاتك للذوق العام أمر مهم سواء كنت في بلدك أو على سفر.
خُد صوراً فوتوغرافية، واترك آثار أقدامك فقط
ستواجهك في معظم الدول النامية مشكلة ضخمة مع القمامة؛ هناك زيادة متواصلة في عدد السكان، ومحدودية في الميزانيات. من المألوف رؤية القمامة في الشوارع أو حتى في المناطق الطبيعية. في بعض الأحيان سيكون مجرد نقص في التعليم حيث لا يدرك السكان المحليون تأثيره السلبي على البيئة، أو ربما لديهم مشاكل أخرى تخصهم ولها أولوية أكبر. لستَ هناك لتحلّ المشكلة بأكملها، ولكن يمكنك القيام بدورك لتقليل التأثير السلبي. من ضمن السفر الواعي مثلاً: لا تقبل الأكياس البلاستيكية من البائعين، أو حتى المصاصات أو الأكواب البلاستيكية، واجمع قمامتك عندما تخرج في الحدائق العامة أو الغابات مثلاً. أو اذهب خطوة أخرى إلى الأمام والتقط القمامة التي تجدها في المتنزهات أو على الشواطئ.
كثرة القمامة في الشوارع والمناطق الطبيعية أمر سيء للغاية؛ أسوأ ما مرّ علي عندما كنت في جزيرة كوه رونغ سوملم في كمبوديا وكانت القمامة منتشرة في كل مكان. على الرغم من جمال الجزيرة إلا أنها كانت غير مريحة للغاية، كنا نرى القمامة آتية مع أمواج البحر كل يوم خاصة في الظهيرة. كنت منزعجة إلى حدٍ كبير ذلك اليوم.
استخدم الماء بحكمة
لا تدرك كم نحن محظوظون لأننا نعيش في دول بها إمدادات غير محدودة من المياه. يمكننا ببساطة تشغيل صنبور الماء وسترى الماء يجري. نقياً نظيفاً، وفي حالات كثيرة صالحة للشرب. ستستشعر ذلك حتى تنتقل إلى مكان لا يوجد فيه كل ذلك. في الكثير من الدول، يجب عليك شراء المياه المعبأة في زجاجات أو تصفية المياه لتكون قادرة على شربها. بل إنه حتى في دول أخرى لا تجد فيها ماءً في الصنبور وعليك الاعتماد على موارد أخرى.
تنقّلت كثيراً في لاوس وكمبوديا. في بعضٍ من القرى كقرية بانلونغ مثلاً كانت السيدات يغسلن الملابس في الأنهار. على جزيرة مابول في ولاية صباح، يعتمدون على مياه الآبار وليست محلّاة. المياه المحلّاة تجلب من مناطق أخرى وهي غالباً مخصصة للسواح! هناك، ودول أخرى يعتبر الماء فيها سلعة ثمينة قد نأخذها كأمر مسلّم به. قم بدورك وِفقاً للسفر الواعي عن طريق أمورٍ كثيرة سهلة. الاستحمام القصير مثلاً. احمل دائماً زجاجة مياه قابلة لإعادة الاستخدام. استخدم جهازاً صغيراً لتصفية الماء حيثما أمكنك. وإذا كان عليك شراء الماء دائماً، اشترِ قارورة كبيرة بدلاً من الصغيرة.
انظر للصورة الأكبر عند المكاسرة
إحدى أكثر الأمور المثيرة للاهتمام حول التسوق خلال السفر هو مفهوم المقايضة. سواء كنت تحبها أو تكرهها، فإن المقايضة هي أسلوب حياة في الكثير من الدول، وهو أمر يجب عليك تعلمه عند السفر. يمكنك قبل سفرك القراءة والاطلاع عن الأسعار بشكل عام في البلد التي ستزور لتأخذ فكرة عامة عما ستواجهه خلال السفر. ولكن، مهما فعلت، لا تكن ممن يحاولون الحصول على أدنى سعر ممكن على كل شيء، فهناك فرق بين أن تكون حريصاً وبين أن تكون بخيلاً. بالتأكيد، قد تبدو هناك علامات من أحد البائعين بأنه أعطاك أسعاراً خيالية، تجاهله. ضع في اعتبارك قيمة ما تتفاوض بشأنه بعيداً عن هذا الشخص، قد تعني القليل من الدولارات بالنسبة إليك أكثر من بضعة دولارات بالنسبة إليه. لذلك عندما يعرض عليك سعراً تعتقد أنه عادل، خذه ولا تحاول الفوز “بالصفقة”.
حدث ذلك كثيراً في كمبوديا، وكنت ببساطة أترك البضاعة، أما في فيتنام، فقد كان الأمر أقل مما هو عليه في كمبوديا حقيقة. ما عدا في المناطق السياحية مثل هوي آن، لذلك لم أشترِ أي شيء من هناك. ثم في دا نانغ قصصت شعري بمائتين ألف دونغ (أقل من ٨ دولارات). كنت أعلم من خلال لغة الجسد وصديقتها أنه كان سعراً مبالغاً فيه، ولم أناقشها، فدائماً ما أقص شعري في ماليزيا ثلاثة أضعاف السعر على الأقل.
وبصراحة.. إذا كنت لا تفكر مرتين عند إنفاق نقودك في فندق من فئة خمسة نجوم أو مشروبات مبالغ في ثمنها، فربما يمكنك أن تكون كريماً وتعطي مبلغاً إضافياً بقيمة دولارٍ مثلاً للمحل المحلي الذي يبيعك تلك التذكارات والهدايا!
لا تعطِ الأطفال المتسولين
قد تكون هذه إحدى أصعب الطرق لتكون عاطفياً مسافراً واعياً، ولكن من المهم للغاية عدم منحك المال للأطفال المتسولين في أي بلد. عندما ترى طفلاً متسوّلاً فغالباً ما يريد قلبك أن يعطيه كل شيء لديك، لكن الحقيقة هي أن العديد من هؤلاء الأطفال يتم سحبهم من المدرسة من قبل والديهم للتوسل في الشوارع. أو حتى أسوأ من ذلك، تستخدمها العصابات لجمع المال من السياح. قد يبدو الأمر وكأنه عمل جيد لتقديم الهدايا أو النقود للمتسولين والأطفال في الشوارع، لكنه ليس بفكرة جيدة. كما ذكرنا النقطة السابقة عن إطعام الحيوانات؛ الأمر ذاته ينطبق هنا. قد يكون من الصعب منع نفسك من إعطاء هؤلاء الأشخاص لتعاطفك معهم، ولكن إعطاء هؤلاء الأشخاص يشجعهم فقط على الاستمرار في طلب السياح مالاً أكثر، وفي بعضٍ من الأحيان إلى حد التظاهر بأن حالتهم سيئة فقط لاستدرار عاطفتك وجيبك.
استأذن دائماً قبل تصوير أي شخص أو مكان
يقع هذا أكثر تحت فئة “الاحترام” بدلاً من “المسؤولية”، فإذا أردت التقاط صور للأشخاص أو السكان المحليين، يجب أن تكون مهذباً وتستأذنهم. لا تحب أنت شخصياً أن يلتقط أي أحد صورتك بدون استئذان، والأمر نفسه ينطبق على الآخرين. يمكنك بلغة الإشارات أو ابتسامة وإيماءة باتجاه الكاميرا، ثم تجاه الشخص. إن لم يعترضوا، فسوف يسعدون برؤية ما قمت به، وربما من الأفضل أن تأخذ عنوانهم وترسل لهم الصورة مطبوعة. إذا لم يكن التصوير مرحباً به، احترم خصوصيتهم وأبعد الكاميرا.
أتذكر الآن موقفاً خلال سفري في لاوس عبر القارب البطيء؛ توقّفنا دقائق معدودة عند قرية صغيرة وكان الأطفال يبيعون سلاسل مصنوعة يدوياً بالخيط. ذهبت لأشتري واحدة للمجموعة التي لديّ، ثم بدأت أسمع صوت كاميرات خلفي! ذهلت لأنه مازال هناك مَن يقوم بهذا العمل غير الأخلاقي. يشبه في ذلك زيارة قرى القبائل في مدينة تشيانغ ماي، شمال تايلاند، السيدات ذوات الرقبة الطويلة. يأخذونك في رحلات أشبه بحديقة لعرض البشر، نعم، لأن أفراد القبيلة لا يرتدون تلك الحلقات في حياتهم اليومية. إنهم يفعلون ذلك من أجل المال فقط! وهو أمر مخجل وغير إنساني أبداً.
تثقيف الآخرين حول مفهوم السفر الواعي
الآن بعد أن تعرفت على بعض الأساسيات لكيفية السفر الواعي، استخدم كل هذه الأفكار في إجازاتك. وإذا رأيت شخصاً يفعل شيئاً خاطئاً، فقم بتثقيفهم بأدب. كلنا نرتكب أخطاءً، خاصة عندما يتعلق الأمر بالاختلافات الثقافية، لذا ساعد المسافر الجديد إذا احتاجها. لن يجعل التعليم مغامراتك أكثر متعة فحسب، بل سيجعل مضيفي المكان الذي تسافر أكثر راحة. قد تحتاج في الحقيقة تثقيف السكان المحليين، كما اضطررت عندما كنت في جزيرة بانكور، فقط راعِ أدبك حينما تفعل ذلك. قد تقيم صداقات مع المسافرين الآخرين في الفندق أو المطعم أو الجولات المحلية، وسيكون من المفيد بدء مناقشات معهم حول السفر الواعي.
وأخيراً، عندما تصل إلى بلدك، شارك هذه النصائح مع أصدقائك حتى يتمكنوا أيضاً من التعلم حول السفر الواعي. يمكننا من خلال التعليم المساعدة في الحفاظ على كل المناطق التي نسافر إليها، حتى تتمكن أجيال أخرى من التمتع بجمالها. السفر الواعي ليس بممارسة صعبة، إنه شيء يجب أن يكون فطرياً بالنسبة لنا جميعاً. إنه لا يعيقك عن التمتع بالجمال أينما حللت، بل العكس، يؤكد لك أن كل هذا الجمال الذي تراه، سيتمكن الآخرون من الاستمتاع به أيضاً.
كلام جميل ومفيد وواعي. اشكرك
جميل ماكتبتي فعلا السفر الواعي مطلوب دائماً شكراً جزيلاً وفقتي الى الامام
شكراً خالد. سعيدة أن التدوينة أفادتك في هذا الأمر