مدينة دالات (Da Lat)، كانت محطة استقراري الأولى والأطول في فيتنام. دالات، كانت المكان المثالي الذي بحثت عنه طويلاً خلال سفري. هنا الكثير من الراحة، والاستجمام، والهدوء النفسي الذي انعكس بشكلٍ ما على صوتي كذلك. أقمت فيها أسبوعين كاملين، تجوّلت في الكثير المناطق السياحية في دالات، وتذوّقت الكثير من القهوة وما تقدمه من أطباق لذيذة للغاية. زرت السوق الليلي المركزي فيها، وتعجّبت من طعم الفاكهة التي تنمو بشكل طبيعي في دالات. وإن كانت لي عودة مرة أخرى فيتنام، فبالطبع سأعود مراراً إلى دالات.
المناطق السياحية في دالات
بحيرة توين لام (بحيرة الفردوس)
من أهم المناطق السياحية في دالات والتي يجب عليك عدم تفويتها. لا أحد يعرف متى ولماذا أطلق عليها هذا الاسم، ولكن ربما بسبب الطبيعة الفخمة المحيطة بها. توين لام، تعني المكان الذي يلتقي فيه الماء والشجر ببعضهما. تم الاعتراف ببحيرة توين لام على أنها تراث تاريخي ثقافي في ٣٠ أغسطس ١٩٨٨.
قضيت أسبوعين على ضفافها للراحة والعمل في آن واحد. هناك الكثير من المنتجعات والمقاهي على حوّافه، كما يمكنك تجربة القوارب المتوفرة أو حتى صيد السمك. لا أعرف إن كانت الكثير من المنتجعات تسمح بالسباحة فيه، لكنني فعلت ذلك دون أية مشاكل. وحسب موقعك من البحيرة، يمكنك الاستمتاع بشروق الشمس أو غروبها حينما يكون الطقس صحواً. ليس هناك نشاطات كثيرة مزعجة حول البحيرة، فهو مكان للراحة في الأساس. ستجد الكثير من الفيتناميين يذهبون إليه للتصوير، ويمكنك كذلك التخييم على أطرافها. وإن كنت من محبّي الشروق، ستكون البحيرة مناسبة جداً، صباحاً حين يكون كل شيء ساكناً سيظهر لك وكأنه مرآة! ولأنني لست بشخص صباحي، لم أرَ ذلك بالطبع.
إذا كنت ترغب في التنزه داخل البحيرة ذاتها، يمكنك استئجار قارب سريع بتكلفة ٣٠٠ ألف دونغ، أو قارب البجعة للتجديف بتكلفة ٦٠ ألف دونغ. يُعد التجديف بالكاياك وسيلة رائعة صديقة للبيئة لاستكشاف المياه الهادئة. قمت بتجربتها مع شركة Phat Tire Ventures. وتبلغ تكلفة الرحلة اليومية بما في ذلك الغداء حوالينا ٤٣ دولاراً للفرد.
معبد تروك لام (Truc Lam Pagoda) في دالات
هو معبد بوذي. يقع على بعد ستة كيلومترات جنوب وسط مدينة دالات. يقع على قمة تل، ويحيط به غابة الصنوبر. المشي إليه بحد ذاته مريح نفسياً. بصراحة، لم أكن أخطط لزيارته، ولم أكن أعرف أين مكانه بالضبط. وصلت إليه صدفة حين أردت شراء بعض الهدايا، لكنني وجدت نفسي في أرض خضراء مشجرة. سرت في طريق مرتب خلف السكان المحليين، قلت في نفسي، هم يعرفون أين سيذهبون على الأقل!
تم بناء قاعة الاحتفالات الرئيسية عام ١٩٩٤، ويحيط بها مبنى الطبلة والجرس. المعبد به روح خاصة تحيط به، هذا ما شعرت به على الأقل. هدوء دالات يمتدّ إلى هذا المعبد، هواء نقي، زهور تحيط بالمكان وطيور تحلق في الأرجاء. باختصار، كانت جنة مريحة. الجميل كذلك أن هذا المعبد نشط، ما يعني أنك ستحصل على عن الحياة الرهبانية. كما أنها خالية من المضايقات مثل البائعين المتجولين، وهي مشكلة شائعة تصادفها في المعابد الأخرى في فيتنام. توجد طاولات نزهة مظللة بالأشجار في المناطق العامة بالمعبد، يمكنك أن تحضر وجبات خفيفة، أو فقط تناول الطعام خارج منطقة المعبد فيما بعد على البحيرة.
يقع الدير في المحطة الجنوبية لركوب التلفريك ذو المناظر الخلابة على دالات، ولذلك من الأفضل الجمع بين هاتين التجربتين قبل السير على الأقدام إلى بحيرة توين لام. للوصول إلى Truc Lam Pagoda، طريقتين: إما عبر المواصلات البرية (دراجات نارية أو سيارات). وسيكون المدخل يقع المدخل الآخر في أسفل التل من بحيرة Tuyen Lam. أو اركب التلفريك الذي يبلغ ٢.٤ كلم. تصل تكلفته حوالي ٥٠ ألف دونغ من Robin Hill باتجاه واحد، أو ٧٠ ألف دونغ ذهاباً وإياباً.
مزارع القهوة في دالات
كمدمنة قهوة -سابقاً- كان حلمي الدائم هو رؤية مزارع القهوة. تتميز دالات بإنتاج أفضل وأجواد أنواع القهوة في جنوب شرق آسيا، ويساعد في ذلك بالطبع مناخها الممتاز. إضافة إلى نقاء الهواء فيها، ما يجعلها بيئة جيدة للحصول على قهوة عالية الجودة وبسعر مميز. تشتهر في دالات كذلك قهوة وِيزل (Weasel)، وهي النسخة الفيتنامية من قهوة لُواك (Luwak) الإندونيسية. وإن كنت لا تعرف هذا النوع من القهوة، فهي القهوة المتخمّرة في أمعاء حيوان الويزل، أو لواك. ثم حين يتبرز وتخرج منه حبوب القهوة يتم تنظيفها وتجفيفها وتحميصها. جربت قهوة لُواك منذ سنوات خلال زيارتي الأولى إلى بالي، لكنني لم أحبذ الآن فكرة استعباد -مهما كانت البيئة- لمجرد رفاهية الإنسان.
المختلف في القهوة الفيتنامية أنهم يقومون بتحميصها أكثر من اللازم في نظري. طعهما العادي أقرب إلى كونه محروق، وهذا بالطبع يزيد من مرارتها بشكل غير عادي. وفيما تنتشر المقاهي في دالات، ولكن، شرب القهوة في الريف وفي المزرعة يعتبر مختلفاً، لاسيّما في مزرعة البن نفسها. المزرعة جميلة، وهناك مقهى بشرفة في الهواء الطلق مع مناظر بانورامية. وعلى الرغم من أنني توقفت عن شرب القهوة منذ أكثر من شهرين، لم أستطع مقاومته هنا. المناظر الخلابة والهدوء يجعلون القهوة مشروباً مثالياً.
فيتنام هي ثاني أكبر منتج للبن في العالم! هذه المعلومة مدهشة بالنسبة لي، تنتهي الكثير من القهوة الفيتنامية إلى خلطات مختلفة. لذا إذا كنت من شاربي القهوة، فهناك بعض القهوة الفيتنامية، حتى بدون أن تعرف ذلك. وعندما ترى الأرض الجميلة التي تنمو فيها، فلا عجب أن هذه القهوة لذيذة جداً.
معبد لينه سون (Linh Son Pagod)
أحد أشهر المعابد البوذية في مدينة دالات، في فيتنام. يقع على قمة تلة صغيرة، على بعد حوالي ٧٠٠ متراً شمال غرب وسط دالات. بدأ بناء المعبد من عام ١٩٣٨، وتم الانتهاء منه وافتتاحه عام ١٩٤٠، مموّلاً من قبل مواطني المدينة طِوال هذه المدة. بُني المعبد على الطراز الآسيوي الكلاسيكي للهندسة المعمارية، ويتميز بتصميم ونموذج بسيط.
عند دخولك المعبد ستجد صفوفاً من أشجار الصنوبر، ومباشرة في مقدمة الفناء تماثيل لقدّيسين بوذيين يمثّلون الرحمة، لذلك تجدهم يقفون على مجسمات اللوتس. على يسار التماثيل ستجد مبنى (Stupa) مثمنة الأضلاع، يصل ارتفاعها إلى ثلاثة طوابق. في الجانب الأيمن، في وسط رقعة خضراء من الحشيش بركة مزينة بمياه زهرية، وزهور ومظلة للسباحة الذهبية. على كلا الجانبين، يوجد مدخل مكون من اثني عشر خطوة يصل إلى قاعة الاحتفالات الرئيسية، والتي تحرسها تماثيل من التنين، والتي تمثل الحماية وتعاليم غوتاما بوذا. لم أطِل زيارة المعبد، لكننا تجولنا فيه بما فيه الكفاية. لم يكن متميزاً كما في المعبد الأول، لكنه جميل بشكل عام.
شلالات ثاك فوي (Thác Voi) في دالات
يعرف بين الكثير من السواح بمسمى شلالات الفيل (Elephant Waterfalls). يقع على بُعد ٢٥كم من وسط دالات، ويمكنني وصفها بأنها إحدى أجمل الشلالات في فيتنام. يؤدي المسار ذو الخطوات المنحوتة في الصخور إلى سفح الشلالات. شخصياً، أحب هذا الشلال مقارنة بالشلالات الأخرى في دالات، لأنه استغرق بعض المغامرة إلى حد ما لمشاهدة الشلالات. هناك مسارين يمكنك اتخاذهما للوصول إلى الشلال، أحدها الجزء السفلي منه، حيث يمكنك تجربة قوة تحطم المياه في القاعدة. لكن، عليك أن تكون مستعداً للتبلل بالمياه. يمكنك متابعة المشي بحذر شديد حتى منظر سقوط الشلال. على كل حال؛ كن حذراً للغاية وراقب خطواتك، لأن الرذاذ الساقط من الصخور يجعلها رطِبة وزلِقة.
هناك الكثير من المناطق السياحية في دالات لم أزرها بالطبع، فهي مدينة تزخر بشكل عام بالكثير من المناطق الجميلة. كان الهدف الأول هو التطوّع فيها لدى إحدى المساكن لتحسين عملهم، وأتمنى حقيقة أن أكون قد حققت ما أطمح إليه. غادرت هذه المدينة الساحرة إلى مناطق أخرى شمالاً، حسب الخطة التي وضعتها لنفسي. وصلت إلى مدينة وي نون (َQui Nhon) الساحلية، حيث التقيت مرة أخرى بـ Dinh الفيتنامي المولود في فرنسا، ليجمعنا الحديث عن الحياة في المهجر ثم تجربة العودة إلى الوطن. التجربة التي أثّرت في حياتنا وآخرين. وي نون الساحلية علّمتني أشياء كثيرة أيضاً، سأذكرها في التدوينة القادمة.. كونوا بالقرب!
لا تعليق