المعبد الهندي أو (باتو كيفز Batu Caves)، الذي يقع على بُعد سبعة عشر كيلومتراً من كوالالمبور. يقف هذا النصب التذكاري الذهبي، أمام الكهف الذي بنَتْه الآلهة نفسها. هذا المَعلم الذي يعد أعجوبة طبيعية، ومن صنع الإنسان في ماليزيا. بعد الانتهاء من زيارة المعبد، يمكنك زيارة الغابة المجاورة له. غابة شلالات كانتشينغ ستكون مكاناً رائعاً للمشي محاطاً بالطبيعة الخلابة.

أعتقد أنك قرأت هذه المقدمة أو شبيهاً لها في مكانٍ ما. وفي أغلب الحالات لدى الشركات السياحية العربية. ولا أعرف حتى الآن لمَ تحرص الشركات السياحية العربية على جلب السائحين إلى هذين المكانين بالذات. منذ أكثر من ٣٠ عاماً!

بدأت في يونيو الماضي مجموعة من الرحلات السياحية في ماليزيا. وذلك ضمن مجموعة من المشاريع التي أنفّذها لهيئة السياحة الماليزية. وبما أنها موزعة في مناطق متعددة، فكانت كوالالمبور والمناطق السياحية بها بداية جيدة. لم أزر هاتين المنطقتين السياحيتين منذ أكثر من ١٧ سنة. لمَ؟ لأنها كانت بالنسبة لي مناطق معتادة. يمكنني اعتبار شلالات كانتشينغ بارك جميلة. لكنني في العادة لا أحب هذا النوع من المناطق السهلة التسلق. ولكنني بعد زيارتها، سألت نفسي “هل تستحقان هاتين المنطقتين الزيارة؟”. هذا ما سأحاول توضيحه في هذه التدوينة.

المعبد الهندي (باتو كيفز) في كوالالمبور

معبد باتو كيفز (Batu Caves) الهندي أحد أكثر مناطق الجذب السياحي في كوالالمبور. هو تل من الحجر الجيري يضم ثلاثة كهوف رئيسية وعدداً من الكهوف الصغيرة. يقع هذا المعبد الذي يعود تاريخه إلى ١٠٠ عام على بعد حوالي ١١ كيلومتراً إلى الشمال من كوالا لامبور. يتميز بأصنام وتماثيل نصبت داخل الكهوف الرئيسية وحولها. تم تأسيس المعبد بتشكيلات من الحجر الجيري الداخلي، ويعتبر المعبد معلماً هاماً من قِبل الهندوس.

المعبد الهندي في التاريخ:

وُجد الكهف منذ ٤٠٠ مليون عام، وتشكلت كهوفه وتجويفه وشقوقه في عصر ما قبل التاريخ. كان أقرب سكانها من السكان الأصليين المعروفين هم بيرسيسي (Bersisi)، أو قبيلة تيموان (Temuan). بحلول الستينيات من القرن التاسع عشر، كانت مالايا (ماليزيا الآن) مزدهرة كدولة نامية تحت الحكم الاستعماري. أخذ المستوطنون الصينيون المهاجرون الذين قدِموا للعمل، مستخلصاتهم من ذرق الطائر من الكهوف لتخصيب مزارعهم. بحلول سبعينيات القرن التاسع عشر، حاز الكهف على اهتمام السلطات الاستعمارية البريطانية. ثم عالم الطبيعة الأمريكي ويليام هورناداي، المشهور بكونه أول مدير لحديقة حيوان نيويورك. وسجل وجودها في المحفوظات في جميع أنحاء العالم.

بحلول عام ١٨٩١، شهد الموقع طفرة في الزوار. من بينهم التاجر الهندي ومؤسس المعبد K. Thamboosamy Pillai. كان بيلاي مفتوناً بمدخل الكهف الذي يشبه إلى حد بعيد “رأس الرمح السماوي”. حرِص بيلاي على جعل المكان مكاناً لعبادة الإله الهندوسي للحرب الذي حمل تلك الرمح السماوي للغاية – اللورد مورغان. وبحلول العشرينيات من القرن العشرين، تم بناء مجموعة من الدرجات الخشبية المؤدية إلى أعلى الكهف. وذلك لمساعدة العدد المتزايد من المصلين على الوصول إلى كهف المعبد الذي يبلغ ارتفاعه ٤٠٠ قدم. بدأت التحسينات على المكان مع تزايد عدد المصلين، ثم تم استبدال الخطوات الخشبية بما هو عليه الآن.

تسمية الكهف

جاءت تسمية المكان بـ باتو كيفز بعد اسم نهر باتو الذي يجري في المنطقة. والذي يعدّ هو الآخر أحد مواقع الحج الرئيسية للهندوس في جميع أنحاء العالم، خاصة خلال النصف الأول من العام للاحتفال بعيد ثايبوسام. وهو مهرجان يخرق فيه المصلون أجسادهم للتكفير عن الذنوب الكبيرة. في عام ٢٠٠٦، أقيم تمثال لورد مورغان بطول ١٤٠ قدماً. وهو تكريم يزين أقدام الدرجات الإلهية.

باتو كيفز خلال ثايبوسام:

المعبد الهندي هو النقطة المحورية في المهرجان الهندوسي السنوي لثايبوسام (Thaipusam). عادة ما يُعقد في نهاية شهر يناير، ويستقطب سنوياً الآلاف من المصلين والزوار. تبدأ المسيرة في المساء قبل مهرجان ثايبوسام في معبد Sri Mariamman في وسط مدينة كوالالمبور. في كثير من الأحيان يصل الموكب إلى معبد باتو كيفز في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي. يبدأ الاحتفال بأكمله بعد ذلك، وهو حدث ملون يستمر لثمانية ساعات. في الماضي، استقطب المهرجان أكثر من مليون حاج، مما يجعله أحد أكبر التجمعات في العالم.

الأضحيات (Kavadis):

يحمل العديد من الهنودسيين أضحياتهم إلى الإله موروجا على شكل “كافاديس” كبيرة ومزينة بألوان زاهية. Kavadis هي عبارة عن قطعتين مزخرفتين بشكل نصف دائريتين كبيرتين من الخشب أو الفولاذ مصممتان ومثبتتان بهيكل متقاطع يمكن موازنتهما على الكتفين. عادة ما يتم الجمع بين هذه الأطر مع العديد من السنانير المعدنية والأسياخ التي تستخدم لخرق الجلد والخدين واللسان. تزين نماذج “كافاديس” بالأزهار والريش الطاووس وبعضها يصل وزنه إلى 100 كيلوجرام. يفي بعض الأتباع أيضاً بنذورهم التي قطعوها على الآلهة من ثقب أجسادهم مثقوبة بالسنانير والإبر، وحتى الأسياخ. فيما يُفتتن السائحون والزائرين بالغالب بتفان المصلين.

الإنجاز المذهل حقاً هو الصعود الشاق للخطوات ٢٧٢ إلى قمة الكهف. تتطلب الرحلة قدراً هائلاً من القدرة على التحمل، حيث يجب عليهم في كثير من الأحيان عمل ذلك في الزحام. ينتظر الكهنة في الأعلى لرش الرماد فوق الأسياخ التي تخترق أجساد مؤدي النُذُر.

غابة شلالات كانتشينغ في سيلانغور

تقع غابة شلالات كانتشينغ (Kanching Rainforest Waterfall)، في محمية غابات تبلغ مساحتها ٥٠٠ هكتار تقريباً في منطقة راوانغ، شمال كوالالمبور مباشرة. ذكرت هذا الشلال ضمن المناطق السياحية في سيلانغور. قربه من المدينة يجعل الغابة هذه مكاناً شهيراً للنزهات، والتخييم، والسباحة، والمشي في الغابة، خاصة في عطلات نهاية الأسبوع. تحظى الحديقة أيضاً بشعبية لدى المصورين الراغبين في تجربة مواهبهم لالتقاط صور للمياه سريعة الحركة.

حينما زرت غابة شلالات كانتشينغ هذه المرة، وجدت عدداً قليلاً من الزوار. ربما لأنني زرته في وسط أيام الأسبوع. لا يزال المكان والطبيعة هنا جميلاً. خاصة الشلالات المذهلة التي يتعدى إرتفاعها الإجمالي حوالي ١٢٠ متراً، موزعة على سبعة مستويات. عند دخول الحديقة سترى على الفور مجرى نظيفاً حيث يمكن للأطفال التجديف بأمان. تتبّع المسار وممرات الإسمنت التي تنقلك إلى المستويات الأربعة الأولى من الشلال.

مستويات الشلالات

يعد المستويان الثاني والثالث (١٠٢ متراً و ١٢٠ متراً) من الشلال أكثر الأماكن شعبية. يمكن للزائرين الاستمتاع بدش قوي طبيعي تحت المياه المتتدافعة، أو السباحة في أحواض المياه العذبة الصافية. هناك شرفات للنزهة هنا، إلى جانب غرف تغيير الملابس والحمامات. لا يغامر معظم الزوار بالصعود إلى المستوى الرابع (١٤٠ متراً)، حيث تنتهي السلالم، ويصبح الممر أكثر صعوبة قليلاً.

المستوى السابع من شلالات كانتشينغ

بقليل من الجهد، يمكنك الوصول إلى أعلى مستوى في الشلال. يصل ارتفاع المستوى السابع حولي ٢٠٨ متراً. ويمكن الوصول إلى الأعلى في أقل من ساعة من نقطة البداية. إنه بالتأكيد يستحق كل هذا الجهد، حيث أن الشلال الأكثر إثارة يقع في المستويين السادس و السابع من الشلال. لم يكن هناك سوى متجولان آخران في هذا المستوى خلال زيارتنا.

في طريق العودة إلى موقف السيارات، مررنا بمجموعة من القرود تبحث عن الطعام من السياح المارين. طفل خليجي بعمر الخامسة تقريباً يرمي ورقة آيسكريم على الأرض! ووالدته تتفرج عليه خلفه دون أن تأمره بحمله. من الواضح أن السياحة في ماليزيا قامت بعمل جيد في الترويج لهذه الحديقة. وبالطبع لا تتوانى الشركات السياحية العربية من الترويج لهذا المكان. لسبب بسيط، أنه الأقرب إلى كوالالمبور. لا أعترض على هذا الأمر، إنهم يتمتعون بلا شك بالمناطق الخضراء والمياه التي تفتقر إليها بلدانهم الأصلية. وهو بشكل عام مكان جميل لقضاء نصف يوم.

هل تريد تسلق مرتفعات أو تمشي في غابات وشلالات أخرى؟ اطّلع على هذه التدوينة التي فصّلت فيها مواقع جميلة حول كوالالمبور وسيلانغور للاستمتاع بالطبيعة الخلابة في مناطق غير سياحية أو مزدحمة.

هل يستحقان الزيارة؟

إذا كانت هذه زيارتك الأولى إلى ماليزيا، فالأمر جيد. سيكون من المفيد زيارة المعبد الهندي للتعرف على العادات في ماليزيا. ومن الجيد أيضاً زيارة غابة شلالات كاتشينغ باعتباره أقرب شلال إلى كوالالمبور. شلالات كاتشينغ في المقابل كانت جيدة. أعتبره حقيقة شلال سهل الصعود. لكنه صغير، وليس المفضل بالنسبة لي بشكل عام. أعتبِره مناسباً للعوائل بأطفال، وكذلك مَن لا يستطيعون المشي لمسافات طويلة.

من جهة أخرى، ليس هناك ما يمكنه أن يضيفه باتو كيفز بشكل كبير. في البداية، الجو حار، وهناك أكثر من ٢٠٠ درجة عليك صعودها. ثم الكثير من القرود التي تنتظر من السائحين بعضاً من الأكل. حينما تصل إلى الأعلى، ستصدمك رائحة عفِنة. لم أتحمّل الرائحة أبداً طوال تجوّلي في المكان. هناك مجموعة من التماثيل، لكنها لم تشدّني. المكان سياحي أكثر من اللازم، ولم أشعر بروحانيته أبداً. الكهف أيضاً رطِب للغاية، وليس هناك أي مجال للتهوية.

كيفية الوصول إلى شلالات كاتشينغ

ستكون بحاجة إلى الوصول بالسيارة إلى هذا الشلال من كوالالمبور. يمكنك الاستعانة بتطبيق Grab. أو يمكنك قيادة السيارة بنفسك، اسلك طريق Lebuhraya Rawang (الطريق رقم 1) والذي يعد بداية لـJalan Ipoh. عند التوجه نحو Rawang، سترى الحديقة على يمينك على بعد كيلومتر من Templer Country Club. إذا قررت الذهاب إلى هناك خلال عطلة نهاية الأسبوع، فيفضل أن تبكّر بالخروج حيث توجد أماكن محدودة لوقوف السيارات. رسوم الدخول لغير الماليزيين ٥ رنجت، ومواقف السيارات ٢ رنجت.

كيفية الوصول إلى المعبد الهندي

يمكنك الاستعانة بتطبيق Grab للوصول إلى باتو كيفز. يمكنك أيضاً الذهاب المواصلات العامة عن طريق قطار KTM بالنزول إلى محطة Batu Caves. ثم المشي ٤٠٠ متراً للوصول إلى المعبد.

ماذا تحمل معك لزيارة المعبد الهندي مع شلالات كانتشينغ

تتطلّب زيارة المعبد الهندي (باتو كيفز) ستر الركبة والكتفين. من الأفضل حمل قماش (سارونغ) أو وزار للستر. أو الأفضل من ذلك لبس بنطال طويل وقميص قطني بأكمام، فالحر شديد.

عند الذهاب إلى غابة شلالات كاتشينغ:

• ارتداء الحجاب الرياضي والملابس المناسبة لأسباب تتعلق بالسلامة. إحدى المحجبات بحجاب طويل اختنقت في الماء لأن حجابها غطى وجهها، بينما كانت في الماء ولم تتمكن من إزالته. قد تكون الملابس الطويلة جداً خطرة إذا تم تعليقها في الماء.
• ارتدي حذاءً مناسباً أو حذاءً مضاداً للماء، مع قاعدة جيدة إذا كنت تخطط للصعود إلى المناطق المرتفعة من الشلال. فمن الممكن أن تكون منطقة الشلال زلقة
• قارورة كبيرة من الماء، فليس هناك محلات لبيعه في الشلالات.
• مظلة أو قبعة للحماية من الشمس.
• احمل معك أيضاً بخاخاً مضاداً للناموس.
• اعتنِ بطعامك ولا ترميه في كل مكان. يمكن للطعام وبقايا الطعام التي تُترك في منطقة الشلال جذب الحيوانات الضارة مثل الفئران والسحالي والغربان.
• استخدم الماء في منطقة التغيير للتنظيف. لا تستخدم الماء من النهر لتنظيف الأطباق وغيرها.
• احمل معك النفايات التي سببتها في كيس وارمها في الخارج. لا تترك أي شيء وراءك.