دانة
غالباً ما أحار في الإجابة حين أُسأل عن دانة. هل تتخيلون فتاة مدللة من الداخل ومُسيطرة على ما حولها من الخارج؟ هذه دانة. بعد رؤيتها تكبر أمامي لإحدى عشرة عاماً؛ لو كانت أمومتي لها تعدّ إنجازاً، فهي أفضل إنجازات حياتي أبداً. وهنا أتذكر إيزابيل الليندي حين قالت: ”لم يخطر ببالي على الإطلاق أن الأمومة هي أمر اختياري، بل كنت أعتبرها شيئاً لا مفرّ منه، مثل توالي الفصول“. ممتنّة أنا يا صغيرتي أنك اخترتني أماً لك.
خمسة كتب
لم أكُن العام ماضي على وِفاق مع القراءة. كنت بالطبع أتحجج بأن الأمر يعود إلى انشغالي وإرهاق العمل، مما يجعلني أرغب في الجلوس أمام التلفاز دون تفكير -على الرغم من أنني لا أشاهِد الكثير حقيقة- وفقط. كان الأمر يزعجني كثيراً، خاصة بعد مقارنتي لأعداد الكتب التي قرأتها في السنوات الماضية، وباعتبار أن هناك عدداً كافياً من الكتب، وفائمة طويلة للقراءة التي خططتُ لها طِوال العام. حصيلة ٢٠١٦ كانت ٥ كتب، ٣ منها انتظرت سنواتٍ على الرف، واحدة قرأت النسخة الالكترونية منها، وأخرى أهدانيها مؤازر قرأتها فور انتهاء لقائنا. وأردت وضع قائمة بأكثر الاقتباسات تعريفاً عن كل كتاب
طوق الياسمين: واسيني لاعرج
قرأته على مدى أسابيع منفصِلة، نهايات الأسبوع التي لا تُمطر فيها السماء، هو رفيق ساعات حمام الشمس.
”أصعب الأشياء في الحياة هي البدايات.. عليها تترتب كل الحماقات اللاحقة.“
”ماذا يحدث عندما يخذلنا يقيننا؟ عندما نتوقف في منتصف الطريق ونتذكر فجأة أننا نسينا شيئاً مهماً فنعود ركضاً نبحث عنه ، وعندما نصل لا نجده؟ ماذا يحدث عندما يمر حبنا عادياً ورتيباً أمام أعيننا لأننا نعيشه ثم فجأة عندما ينطفئ نشعر ليس فقط بعمق الخسارة والفقدان ولكن العزلة ولا جدوى الحياة.“
”لا أدري لماذا نذهب دائما نحو آخر الصفحات عندما يتعلق الأمر بأشواقنا وأحزاننا التي نكتبها؟؟ربما لمباغتة الأقدار التي لا تمنحنا دائما وقتا كافيا لإتمام رحلتنا في الحياة كما نشتهي.“
”المخيف ليس الموت نفسه ولكنّ الأسئلة المعلّقة منذ بدء الخليقة هي التي تربكنا وتحزننا في اللحظات الأخيرة، حيث كلّ شيء يتساوى ويصير رخواً وأملس، عندها نترك أنفسنا ننزلق بسرعة نحو فجوة الغياب التي لا قرار لنهاياتها.“
ثُلاثية غرناطة: رضوى عاشور
السبب الوحيد لقراءتي هذا الكتاب/الرواية هو أن عدداً كبيراً من الأصدقاء أوصوني به، ناهيك عن عدد النجوم التي حازها الكتاب في موقع قودريدز. باستثناء اللغة، لم أفهم كيف حصل على تلك التقييمات العالية. وربما ببساطة لم أتعلّق كثيراً به.
”والقلب في بيت القلب يعتصر كأنما تقبضه يد الموت ويموت. يحدقون فيك ولا يرف لهم جفن. يلقون بك في قبو وحدك لا تقدر حتى على البكاء، وعندما تقدر تذرف الدمع الغزير، ليس لأن البدن يوجع، ولكنك تبكي على تلك المزق الآدمية التي تعرف أنها أنت، تبكي على حالك وعلى هجر حبيب في الزرقاء العالية تركك وحدك تصطلي بنار لم يعد الله بها قومه الصالحين. وحدك في سجنك المظلم تحاصرك الوحشة ولا ضوء سوى ذؤابة شمعة ذابلة يرتعش معها على الجدار طيف المحقق الذي يلازمك وإن غاب، خيال يعظم خطه الصاعد مائلاً على الجدار، يحدد ظل وطواط هائل ينشر سواده الملتصق بحجر الجدار. وحدك في سجنك لا يشاركك فيها سوى جرذان لأنها حياة تذكرك بالحياة، وبعد شهور ينقلونك إلى حيث يتبدد شيء من وحشة روحك. يصير لك رفاق يسكنون معك في قبو أيامك ولياليك. تأتلف القلوب المحزونة، طاقة ضوء في عتمة الجدار.“
أخرج في موِعد مع فتاة تحب الكتابة: ترجمات محمد الضبع.
يمكنني القول أن التدوينة التي نشرها محمد إحدى الأيام وترجمها لكاتب مجهول كانت الأكثر حظاً وانتشاراً بين أوساط المدونين/المدوِّنات. قرأت النسخة الالكترونية من الكتاب لأنني غالباً ما أتخوّف من المقالات المختارة في كتاب وكونها غير جيّدة في معظمها. ببساطة؛ استطاع محمد تغيير وجهة نظري حين اختار المقالات بعناية.
”البحث المضني عن هذا التوازن المستحيل هو ضرب من الجنون. التوازن هو مجرد مغالطة. هو مؤامرة كبري صممت لتجعلنا نشعر دائماً بأننا نفشل وأن حياتنا تتداعى. صممت لتبيع فيديوهات اليوجا وجلسات التأمل والتعافي. فليذهب التوازن للجحيم، لأنه يبقينا في أمان. ماذا لو قطعنا الطريق على فكرة التوازن المستحيل وأعطينا أنفسنا شيئاً ينتمي لأرضيتنا أكثر ولحقيقتنا البشرية أكثر. ماذا لو تركنا أنفسنا لنفتن أمام جمال فقد الاتزان؟ ماذا لو اتفقنا على ترك الأشياء على طبيعتها، بتجاهل مفعم بالحيوية والجموح؟ لأننا عندها سنكتشف المعنى، سنكتشف أنه متعلق باللحظات.“
”لا توجد طريقة تمكنك من الحفاظ على شيء يريد المغادرة، هل تفهم؟ بإمكانك فقط أن تحب ما حولك بينما هو حولك.“
الغريبة: مليكة أوفقير
فكرة أن تعيش عائلة بأكملها في سجون انفرادية هو أمر أكثر من مؤلم. ثم فكرة أن تتأقلم مع الحياة فيما بعد. أن ترى المتسبب في وجعك لم يمسسه أي ضرّ، وأن الحياة تسير بهم -ببساطة- وكأن العشرين عاماً التي سُجِنت فيها كانت مجرد عطسة. لم أقرأ لغيرها من عائلة أوفقير حتى الآن. وبناءً على التعليقات فإنها إعادة للحكاية من وجهة نظر أخرى.
”سأحب المغرب إلى الأبد، وسأدافع عنها، أنا التي سرقت المغرب عشرين عاماً من عمرها، في مواجهة أولئك الذين يقدحونها. وطني ليس الملك المتربع على عرشه. وطني ليس تلك الآله القمعية التي يعبث بها رأس متوج كما يعبث بسلاح. وطني، هو هذا الشعب التي يمد يده إليك دون أن ينتظر منك أي مقابل.“
كأنك لم: محمد عبد الباري.
لم أقرأ الشعر منذ وقت طويل. وهذه المرة قرأته بصوت مؤازر!
”زمانُك لحظتانِ: تكونُ .. تفنى
وبينهما ستصبحُ ثم تمسي
قصصتُ عليكَ من رؤيايَ سجناً
فكنْ طيراً لتأكلَ خبزَ رأسي
وكنْ في أولِ الموّالِ حزنا
لتَذكرَ .. آخرُ الموّالِ يُنسي“
لا تعليق