قد تكون مثلي، لا تعرف المكوث في مكانٍ واحد طوال العام لأي سبب. فسواء كنت تعمل عن بُعد كموظف أو مستقل، أو مؤسس شركة ناشئة، وربما فناناً أو طالباً فلا يعني هذا أن عليك العيش في مكان واحد فقط! وفي الحقيقة، لا تعدّ أفريقيا -في كثير من الأحيان- الخيار الأول للرحالة الرقميين، ولكنها تستحق أن تكون كذلك. هذه القارة مختلفة تماماً عما يصوّره لك الإعلام، إنها غنية بالتاريخ والحياة البرية، والجمال الطبيعي والابتكار. وبها العديد من المدن الأكثر ملائمة للعيش بأسعار معقولة، مع سرعات إنترنت مناسبة، وأمان، ووسائل راحة ومجتمعات متفاعلة.
سأشارككم تجربتي الشخصية وأبحاثي حول أفضل المدن الصديقة للرحالة الرقميين في أفريقيا. وسأقدم لك أيضاً بعض النصائح حول كيفية العمل منها، بما في ذلك أفضل مساحات العمل المشترك، وخيارات الإقامة، ومتطلبات التأشيرة، وتكلفة المعيشة، والمزيد. ولكن قبل أن نتعمق في التفاصيل، دعني أخبرك لماذا قررت أن أصبح رحالة رقمية في أفريقيا.
لماذا اخترت أفريقيا كوجهة للرحالة الرقميين؟
لقد كنت مفتونة دائماً بأفريقيا، أحببتها من القصص التي قرأتها، ومشاهدة الأفلام الوثائقية حول الثقافات واللغات، والحياة البرية والمناظر الطبيعية المتنوعة. حلمت بزيارة الآثار القديمة في السودان، وغابات السافانا في كينيا، وجبال المغرب، وشواطئ جنوب أفريقيا. ولكن لم أدرك أنني أستطيع تحقيق حلمي إلا بعد أن أصبحت أعمل عن بُعد في مجال تطوير الأعمال، وكاتبة مستقلة. وبفضل الإنترنت وكمبيوتري المحمول، تمكنت من العمل من أي مكان في العالم. وبدت أفريقيا المكان المثالي لتحدي نفسي وتعلم أشياء جديدة والاستمتاع ببعض المرح.
لذلك حزمت حقائبي وحجزت تذكرة ذهاب فقط إلى العاصمة الجزائر، لتكون الوجهة الأولى لي في أفريقيا. ومنذ ذلك الحين، وأنا أسافر وأعمل في جميع أنحاء أفريقيا لعامين حتى الآن. واسمحوا لي أن أخبركم: لقد كان أحد أفضل القرارات في حياتي.
التقيت بأشخاص رائعين يشاركونني الهدف ذاته؛ التجوّل في أفريقيا والتعلم منها. وعشت مشاهد مذهلة، وتذوقت طعاماً لذيذاً، وتعلمت الكثير عن نفسي وعن العالم. تمكنت من تنمية عملي المستقل وكسب ما يكفي لتغطية نفقاتي وتوفير بعض المال. وبطبيعة الحال، لم يكن الأمر سهلاً دائماً، فهناك بعض التحديات خلال السفر في أفريقيا، مثلها مثل أي قارة أخرى. ستعيش اتصالات الإنترنت غير الموثوقة، والحواجز اللغوية، والاختلافات الثقافية، والخدمات الصحية، والمخاوف الأمنية. ولكن لا شيء لا يمكن حله ببعض الصبر والمرونة والبحث. وكانت التجارب التي عشتها تستحق العناء حقاً.
كيف اخترت المدينة الأفضل لي في أفريقيا
بعد أن عرفت سبب اختياري لأفريقيا كوجهة للترحال الرقمي، ربما تتساءل عن كيفية اختيار أفضل مدينة لك. وفي الحقيقة، لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع على هذا السؤال. حيث يعتمد ذلك على تفضيلاتك الشخصية وأهدافك وميزانيتك وأسلوب حياتك واحتياجات عملك. ولكن إليك بعض العوامل التي قد ترغب في أخذها في الاعتبار عند اختيار مدينتك الأفريقية القادمة:
١: متطلبات التأشيرة لكل دولة
سواء كنت ستزور هذه الدولة كسائح وتعمل عن بُعد لفترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر أو تخطط للعيش بها أكثر من ذلك، فعليك التأكد من متطلبات التأشيرة لكل بلد قبل السفر. تقدم بعض الدول خيارات الإعفاء من التأشيرة أو الحصول على تأشيرة عند الوصول لجنسيات معينة. ويطلب منك آخرون التقدم بطلب للحصول على تأشيرة مقدماً أو الحصول على دليل على مواصلة السفر أو الحصول على أموال كافية.
أعتمد شخصياً على موقع Passport Index للتأكد من التسهيلات الممنوحة لجواز سفري الماليزي. بينما يمكنك التأكد من متطلبات التأشيرة لكل دولة على موقع VisaHQ.com أو iVisa.com. وفي الحقيقة، معظم البلدان المدرجة في قائمتي لديها متطلبات تأشيرة سهلة، إما أنهم يصدرون تأشيرات عند الوصول أو لا توجد متطلبات للحصول على التأشيرة على الإطلاق. فالتقدم بطلب للحصول على تأشيرة مسبقاً من السفارة مع المستندات الكثيرة أمر مزعج كثيراً، وهذا ما يجعلني حتى الآن لا أزور دولاً معينة، وإن كانت قليلة. تسهّل لي هذه الخيارات الأخرى زيارة بلدٍ ما كسائحة، وأضع على أساسها خطة غير مُحكَمة وبنظرة عامة فقط على البلاد. ثم أحكم على أساسها إن كنت سأستقر فيها لأكثر من ثلاثة أشهر، مما يعني التقديم على تأشيرة الرحالة الرقميين أو الانتقال إلى الدولة التالية ضمن رحلاتي في أفريقيا. يمكنك الاستعانة بصفحة تأشيرة الرحالة الرقميين حول العالم لتعرف المستندات التي يجب عليك تقديمها.
٢: تكلفة المعيشة في أفريقيا ليست منخفضة!
حسناً، ندرك تماماً أنك تجني دخلاً أعلى من السكان المحليين عادة، وهذا ما يسهل عليك العيش خارج بلدك. وهو بلا شك عامل مهم آخر لاختيار المدينة التي ستسكنها في أفريقيا أو أي مكانٍ آخر. فبطبيعة الحال؛ ستريد العثور على مكان يناسب ميزانيتك ويسمح لك بتوفير بعض المال أو الاستمتاع ببعض الكماليات. وليس من المعقول أن تترك بلدك لتعيش في مدينة بتكلفة معيشية أعلى!
ستمنحك بعض الدول الأفريقية خيارات جيدة للسكن والعمل في بيئة مناسبة، مثل جنوب أفريقيا أو المغرب. حيث يعد المزيج الجيد من خيارات السكن أو الإقامة بالإضافة إلى انخفاض تكلفة المعيشة أحد أهم العوامل للرحالة الرقميين الذين يتطلعون إلى قضاء بعض الوقت في المدن. ويعد توفر الإيجارات المرنة قصيرة الأجل بمثابة نقطة إضافية كبيرة لأي مدينة أو بلدة ساحلية لأنها توفر خيارات كثيرة للرحالة. ستجد هذا متوفراً بكثرة في دهب، أو الصويرة، أو حتى زنجبار. ويمكنك بشكل عام التأكد من متوسط تكلفة المعيشة في كل مدينة على موقع Numbeo.com.
٣: سرعة وموثوقية الإنترنت
تعد سرعة الإنترنت وموثوقيته الجانبين الأكثر أهمية للرحالة الرقميين. حيث يجب أن يكون لديك اتصال إنترنت سريع وثابت للقيام بالأعمال دون انقطاع، مما يسمح لك بكسب لقمة عيشك والاستمتاع بحياتك أينما كنت. لقد مررت بتجارب محبطة أثناء تجوالي في أفريقيا، كما في مالاوي، حيث كانت ضعف سرعة الاتصال تعيقني عن إجراء مكالمات بدون انقطاع. إضافة إلى ذلك، يعني الإقامة في بيوت الضيافة أو العمل من المقاهي الاعتماد على شبكات الإنترنت العامة، دون ضمانات حول استقرارها. الأمر المزعج أنه الجانب خارج عن إرادتك تماماً، ولكن، لحسن الحظ، تتمتع معظم المدن الكبرى في أفريقيا ببنية تحتية لاسلكية جيدة إلى حد ما. وهذا ما يجعلني أستمتع بالسفر إلى مناطق متنوعة في القارة، حتى لو كانت فترات قصيرة قبل العودة إلى المناطق الرئيسية في بلدٍ ما.
وحتى إذا كانت شبكات الواي فاي ضعيفة في المسكن أو المقاهي التي أعمل فيها، فإن شبكات الجيل الرابع المحمولة أصبحت قوية بما يكفي لتكون بديلاً ممتازاً. كما حدث لي شخصياً في زنجبار، حيث كان هناك انقطاع في التيار الكهربائي وسوء في جودة الواي فاي في العديد من الفنادق والمنتجعات. ومن أجل تسهيل تخطيط حياتك، تأكد من متوسط سرعة الإنترنت في كل بلد عبر موقع Speedtest.net.
٤: المناخ
هل تحب الأجواء الحارة، أم الباردة؟ وهل تؤثر الرطوبة العالية أو الجفاف على صحتك؟ ستحب بالتأكيد العيش في بيئة وأجواء لطيفة تتناسب مع متطلباتك الشخصية والأنشطة أو الهوايات التي تريد ممارستها. فمثلاً، هناك مَن يحبون الأجواء الربيعية والباردة ولا يتحمّلون الشمس والرطوبة، وهذا عكسي تماماً. أحب الأجواء الحارة التي تسمح لي السباحة والغوص في نهاية الأسبوع وهذا ما يجعلني أنجذب للسواحل والجزر. في المقابل، أحب أيضاً التنويع في المناخات، فستجدني في الخريف متوجهة إلى الجبال للتسلق.ولمساعدتك في اتخاذ القرار المناسب، تأكر من متوسط المناخ في كل مدينة على موقع Weatherbase.com.
٥: مستوى الأمان والسلامة
عدم الرغبة في العيش في أماكن غير آمنة أو الشعور بالخوف أثناء التجول في الشوارع أمر مهم. يمكنك الاستعانة بتجارب الآخرين الذين عاشوا في تلك المدن أو زاروا تلك الدول التي تنوي زيارتها. يمكنك طرح السؤال على المسافرين الذين قاموا بتلك الرحلات لمعرفة أهدافهم والطريقة التي انتقلوا بها في تلك المدن. إضافة إلى قراءة تقييمات المسافرين الآخرين أو الانضمام إلى مجموعات رحالة عبر الشبكات الاجتماعية للحصول على نصائح.
ومع ذلك، يجب عليك أن تتذكر أن مستوى الأمان يعتمد على تقييمات فردية، حيث قد يعتبر البعض مكاناً آمناً، في حين، قد تختلف تجربتك تماماً. فعلى سبيل المثال؛ قد يروج بعض الأفراد لسلامة أديس أبابا وسهولة السفر في إثيوبيا، ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة لي. والبعض كانوا يحذرونني من انعدام الأمان في جوهانسبرغ أو جنوب أفريقيا، ولكنها كانت آمنة بالنسبة لي. وأخيراً، يتغنّى الكثيرون بسهولة العيش والحياة الجميلة في موريشوس، ولكنها في الحقيقة مكلّفة وصعبة.
٦: فارق التوقيت
وجودك في منطقة زمانية معينة يعد عنصراً ذو أهمية كبيرة، لاسيما وأنك رحالة رقمي. اسأل نفسك: هل تعمل في وظيفة مرتبطة بساعات العمل في بلد معين؟ لنقل مثلاً أنك تعمل لشركة مقرها في جدة ويبدأ العمل من التاسعة صباحاً، فوجودك في المغرب أو دول غرب أفريقيا يعني بدء العمل من الساعة السادسة فجراً. قِس الأمر ذاته إن كنت مستقلاً وتعمل لعملاء في مناطق زمنية متعددة، فقد يكون من الصعب تقديم خدماتك لعملاء في شرق آسيا أو الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، فكّر في الأوقات التي ستعمل فيها، هل تحب العمل دائماً في الليل أم تبدأ من الصباح الباكر؟ فشخصياً، كنت أجمع بين الإثنين، فحينما سكنت شاطئ دياني في كينيا، وضعت روتيناً يناسب العمل على الشاطئ. وهو ما اتّبعته أيضاً في جزيرة زنجبار التنزانية.
كان روتيني اليومي هنا بسيطاً للغاية؛ أستيقظ في السابعة، وأجد إفطاري جاهزاً في الثامنة. وبعدها يبدأ يومي، بتصفّح بريدي الإلكتروني والرد على الرسائل لساعة، ثم تصفّح تويتر وإنستغرام إن كان هناك وقت. يبدأ تركيزي على الكتابة لليوم، حيث أعمل من العاشرة صباحاً وحتى الرابعة والنصف عصراً، تتخللها أوقات قصيرة للاستراحة والاسترخاء في المسبح. أنهي عملي تماماً في الخامسة مساءً لأتوجّه إلى البحر، أمشي على شاطئ دياني قليلاً، وأسبح أو أسترخي وأجلس على الرمال.
وإذا كانت وظيفتك ليست حساسة للمنطقة الزمنية، أي أنك تعمل لحسابك الخاص أو تعمل في وظيفة دون اجتماعات كثيرة في أوقات معينة، فإن العالم بيتك!
٧: وسائل الراحة والترفيه
العيش كرحالة رقمي والسفر الدائم لا يعني أن تعيش حياة كئيبة مزرية. إنها على العكس من ذلك تماماً، فإحدى الأهداف هنا هو ممارسة هواياتك أو تعلم مهارة جديدة. وعلى أساسه، ابحث عن مكان يحتوي معظم جميع وسائل الراحة التي تحتاجها أو تريدها لتحسين حياتك. يتضمن ذلك أشياء مختلفة مثل: مساحات العمل المشتركة، المقاهي والمطاعم، السوبرماركت، والصيدليات والمستشفيات وما إلى ذلك. وربما العثور على مكان به بعض خيارات الترفيه لقضاء وقت فراغك أو ممارسة هواياتك. يتضمن ذلك المتاحف والمعارض، والمتنزهات، والشواطئ، والمهرجانات والفعاليات. ستجد الكثير من المقالات التي تساعدك على هذا حينما تبحث بصيغة: Fun Things to do in + المدينة، أو أفضل الفعاليات في (اسم المدينة).
٨: مجتمع الرحالة الرقميين في أفريقيا
أنت جزء لا يتجزأ من البيئة التي تعيش فيها، سواء كنت زائراً، أو رحالة رقمياً، أو مقيماً. وإذا كنت تخطط لتجربة نمط الترحال الرقمي، دعني أشاركك بسر: الرحالة الرقميون كائنات مستقلة ومع ذلك يميلون للتفاعل الاجتماعي. رغبتك في ترك وطنك واستكشاف وجهات جديدة تظهر بوضوح في شخصيتك. ورغم ذلك، فإن الإنسان يتوق دائماً للتواصل الإنساني إلى حد ما. ولذا يصبح المجتمع المحلي ذا أهمية خاصة، حيث يلعب دوراً حيوياً في تسهيل عملية إقامة صداقات جديدة. وعيشك في بيئة مريحة، مع أفراد ودودين يمكنك التحاور معهم، يعد أمراً مهماً. وإن كنت محظوظاً، قد تجد مجتمعاً نشطاً من الرحالة الرقميين في تلك المدينة. مما يساهم بالتأكيد في تكوين صداقات، وتعزيز التواصل، وتحقيق تجارب ممتعة في المكان الذي اخترته.
في الوقت الحالي، تحتوي معظم مجتمعات الرحالة الرقميين على مجموعات ضخمة وفعاليات تجعل من السهل للأفراد اللقاء بأشخاص يشاركونهم أفكاراً مماثلة. ولا يقتصر هذا التواصل على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل يشمل أيضاً القدرة على تبادل الأفكار بشكل أسهل من أي وقت مضى، مما يعكس القوة الكبيرة للمجتمع. يمكنك مراجعة حجم ونشاط مجتمع الرحالة الرقميين في كل مدينة عبر موقع Nomadlist.com، أو الانضمام إلى مجموعات على فيسبوك مثل “Digital Nomads Africa” أو “Digital Nomads around the World“.
أي جزء من أفريقيا؟
قبل أن أخبرك عن قائمة أفضل المناطق أو المدن للرحالة الرقميين في أفريقيا، يجب أن تعلم أن أفريقيا ليست وجهة رخيصة. أفريقيا في الواقع إحلى أغلى مناطق العالم للسفر. قد تظن أنها منخفضة التكلفة بالنظر إلى مدى انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العديد من هذه البلدان. ولأن أفريقيا قارة شاسعة وممتدة الأطراف، دعنا نحكم على كل أجزائها، لنكون عادلين.
دول شمال أفريقيا
زرت من هذه الدول وعشت فيها قدراً كافياً مصر، وتونس، والجزائر. تبقّت لدي السودان المغرب والتي قرأت عنها وأجريت العديد من البحوث حتى أزورها مستقبلاً. وفي الحقيقة، لا تزال تكلفة المعيشة في بعض تلك الدول متوسطة إلى منخفضة. يمكنك في دهب مثلاً الاكتفاء بما يساوي ألف دولار لنمط حياة متوسطة وجيدة. أما تكلفة المعيشة في تونس فهي شبيهة، يعيبها فقط قلة خيارات السكن المتاحة للرحالة الرقميين خارج تطبيقات AirBnb أو بوكينج وما شابهها. تشبهها في ذلك الجزائر، إضافة إلى غلاء أسعار السفر والتنقل من مدينة لأخرى عكس الإثنين السابقتين.
شرق أفريقيا ليست منطقة رخيصة في العالم
فبما أن البنية التحتية في دول شرق أفريقيا أقل تطوراً بكثير من أجزاء أخرى من العالم فهذا يعني انخفاض جودة الخدمات والحياة بشكل عام. وإذا كنت تبحث عن وسائل الراحة وأماكن الإقامة المريحة ذات الطراز “الغربي”، فأنت تدفع الثمن لأنه ببساطة لا يتوفر الكثير منها مقارنة بالدول الأخرى. إضافة إلى أن التنقل بين المدن غالباً مايكون برياً، والذي يعني القيادة في طرق غير معبّدة. أما إن كنت تفضل السفر بالطائرة فإنك أمام خيارين: عدم وجود مطارات في معظم المدن أو دفع تذاكر عالية التكلفة – كما في تنزانيا. وفي موقف آخر حدث لي شخصياً في إثيوبيا، كنت أخطط لزيارة بحر دار، من أديس أبابا. وجدت شركة سياحية تقدم خدمة “سيارة مع سائق” فقط عبر المسار الذي أردته: أديس أبابا – بحر دار – جبال سيميان، ثم لاليبلا في ٣ ليالي، بتكلفة ٨٠٠ دولار! وهو ما جعلني أستغني عن بحر دار والجبال لأركّز على منطقة لاليبلا، السبب الرئيسي الذي جعلني أزور إثيوبيا.
جنوب أفريقيا
تضم دول جنوب أفريقيا: بوتسوانا، إسواتيني، ليسوتو، ناميبيا وجنوب أفريقيا. والأخيرة هي التي قضيت فيها شهراً كاملاً زرت فيها جوهانسبرغ ومناطق متعددة في كيب تاون. وباختصار، برزت جنوب إفريقيا كوجهة أولى للرحالة الرقميين بسبب مناظرها الطبيعية الخلابة، وتكلفة المعيشة المتوسطة، ومجتمعاتها المزدهرة. إضافة إلى تحسين الاتصال، والمغامرات الخارجية، والثقافة الغنية، والوعد بحياة متوازنة. مع استمرار تطور عالم العمل، تظل منطقة جنوب إفريقيا خياراً مقنعاً للراغبين في خلق توازن بين الحياة والعمل خلال السفر.
أفريقيا كخيار ممتاز للرحالة الرقميين
بعد سنتين من الإقامة والسفر في أجزاء مختلفة من أفريقيا، سأؤكد لك بأنك لن تجد مكاناً يلبي جميع احتياجاتك بنفس القدر. لذا، ينبغي عليك تحديد أولوياتك والتركيز على العوامل الأكثر أهمية بالنسبة لك، متنازلاً عن بعض العوامل الأخرى. وكرحالة رقمي يمكنك بسهولة التنقل بين مدن أفريقيا المختلفة، مما يتيح لك فرصة لاكتشاف تجارب جديدة وتحديد أيها يتناسب أكثر مع تفضيلاتك واحتياجاتك.
إن توجّه “العمل من أي مكان” وُجِد ليبقى، وجمال أفريقيا المتنوع هو دعوة مفتوحة لإعادة تعريف الطريقة التي نعمل ونعيش بها. لذا، سواء كنت من الرحالة الرقميين المتمرسين أو شخصاً يفكر في نمط هذه الحياة، فإن هذه القارة الشاسعة تنتظرك. أفريقيا، التي كانت تعتبر ذات يوم خياراً غير تقليدي للعمل عن بُعد، أصبحت الآن ثابتة على خريطة الرحالة الرقميين. فمع المناظر الطبيعية الخلابة، والإنترنت جيد السرعة، وتنوّع المغامرات والتجارب، فلا عجب أن هذه المدن الأفريقية تجذب انتباه الرحالة والمسافرين اليوم. وبينما يعيد العالم تعريف العمل في القرن الحادي والعشرين، توفر هذه الوجهات مزيجاً من الإنتاجية والاستكشاف يصعب مقاومته.
احزم حاسوبك، وجواز سفرك، وحب السفر، ودع أفريقيا تعيد تعريف التوازن بين العمل والحياة.
لا تعليق