اختلاف التوقيت أو اضطراب تنظيم النوم بعد السفر (Jet-lag) يؤثر عليّ بشكل كبير. ينتج عنه ضعف التركيز، النوم غير المنتظم، وتلبّك في المعدة. وعلى الرغم من السفر المتكرر، لم أبحث في الحقيقة عن حلول لهذا الأمر. خاصة وأنني لم أكن أعطِ اختلاف التوقيت أهمية كبيرة سابقاً. لكنني الآن أشعر به أكثر وأكثر مع الأيام. قد يكون لأنني ما عدت في العشرين! ونهاية الثلاثينات تتغير أجسادنا أسرع؟ وحسب ما قرأت، فإنه كلما تقدّمت في السن، كلما كان تأثيره عليك أكبر. وقد يستغرق التعافي وقتاً أطول.
أقوم عادة ببعض الاستعدادات التي تخفف عناء الرحلات الجوية الطويلة. لكنني أتناسى -بالطبع- الترتيب لما عليّ فعله حين أصل.
اختلاف التوقيت وتأثيره على المسافر
يحدث اضطراب اختلاف التوقيت بعد الرحلات الجوية الطويلة، حيث يتأثر روتين نومك الطبيعي بشكل كبير. وتتحسن الأعراض عادة في غضون بضعة أيام حيث يتكيف جسمك مع المنطقة الزمنية الجديدة. ويعتبر هذا الاضطراب أمراً مألوفاً بالنسبة للمسافرين في الرحلات الطويلة وخاصة الدولية. سترى آثار تتلخص في: النوم المضطرب، التعب أثناء النهار، صعوبة التركيز والعمل، ومشاكل في المعدة.
لحسن الحظ، في حين أنك قد لا تكون قادراً على التخلص من اضطراب اختلاف التوقيت تماماً إن كنت ستسافر عبر مناطق زمنية متعددة، يمكنك تقليل آثارها باستخدام بعض الاستراتيجيات البسيطة. وسيكون من الأفضل فهم ماهية اضطراب اختلاف التوقيت ومسبباته. وسأخبرك هنا أيضاً بالحلول التي قمت بها للتعامل معه والاستمتاع بوجهة سفرك.
ماهو اضطراب اختلاف التوقيت؟
يمكن أن يحدث اضطراب الرحلات الجوية الطويلة في أي وقت تسافر فيه بسرعة عبر منطقتين زمنيتين أو أكثر. وكلما زادت المناطق الزمنية التي تعبرها، زادت احتمالية أن تكون ناعساً ومرهقاً، وكلما كانت الأعراض أطول وأكثر شدة. يعد اضطراب اختلاف التوقيت اضطراباً مؤقتاً في النوم، ولكنه ليس مؤقتاً بما يكفي للعديد من المسافرين.
أتأثر بها أكثر حينما أسافر ما بين ألمانيا أو أي دولة أوروبية أخرى إلى ماليزيا. وإذا كانت الرحلة لمدة ١٠ أيام، على سبيل المثال، فقد يستغرق التعافي بالكامل ما بين ٣-٤ أيام بالنسبة لي. والذي يعني أنني سأكون مرهقة نصف الرحلة إن كانت قصيرة! وذلك لأنه قد يستغرق يوماً لكل منطقة زمنية تتقاطع مع جسمك للتكيف مع التوقيت المحلي. إذا كنت مسافراً من الشرق إلى الغرب، من السعودية إلى سان فرانسيسكو، يمكن أن يستمر اضطراب الرحلات الجوية الطويلة أقل من ذلك، حوالي نصف عدد المناطق الزمنية التي تم عبورها. فعادة ما يكون اضطراب النوم أسوأ عندما “تضيع وقتك” في السفر من الغرب إلى الشرق.
ما الذي يسبب اضطراب اختلاف التوقيت
يحدث اضطراب اختلاف التوقيت لأن السفر السريع يؤثر بشكل كبير على الساعة البيولوجية، وهي التي تساعد في التحكم عندما نستيقظ ونغفو. العوامل والنشاطات الخارجية مثل التعرض للضوء، وأوقات الوجبات، والمشاركة الاجتماعية، والأنشطة تنظم إيقاعنا اليومي. وعند عبور المناطق الزمنية، فإن ذلك يعطلها، ويتم إلغاء مزامنة ساعتك البيولوجية مع الوقت الخارجي. يحتاج جسمك إلى إحداث إيقاع ثابت في المنطقة الزمنية الجديدة.
يمكن أن تؤثر جوانب أخرى من السفر الجوي في المشكلة؛ هواء الطائرات المضغوط مثلاً يقلل من الأكسجين في الدم، وهذا ما يجعلك تشعر بعدم الارتياح ويسبب الجفاف. كما أن الركاب عادة لا يتحركون داخل الطائرة، وهو ما يزيد من أعراض اضطراب اختلاف التوقيت في الرحلات الجوية الطويلة، كما يزيد من تعطيل إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم.
استعدادات ما قبل السفر لتخفيف اضطراب النوم
قد تساعد بعض هذه الاستراتيجيات في منع أو تخفيف اضطراب اختلاف التوقيت خاصة في الرحلات الجوية الطويلة:
-
محاكاة التوقيت الجديد قبل المغادرة
إذا كنت تعلم أنك عرضة لتجربة لاضطراب اختلاف التوقيت وتحتاج إلى تنظيم النوم، فيجب عليك أولاً الاستعداد لنفسك قبل المغادرة. إن كنت ستسافر شرقاً خاصة، فستشعر باضطراب النوم أكثر من السفر غرباً، وذلك لأن الطيران غرباً يجعل جسمك يعتقد أن يومك يزداد طولًا، بينما الذهاب شرقاً يجعله يعتقد أن اليوم أقصر. لذا فإن أفضل خطة للتخلص من اضطراب اختلاف التوقيت وتنظيم النوم هي تكييف روتين جسمك قبل أيام قليلة من المغادرة. عندما تسافر إلى الشرق، حاول النوم ساعتين قبل ما اعتدت عليه. وإذا كنت ذاهباً إلى الغرب، فابق مستيقظاً لمدة ساعة أو ساعتين إضافيتين. يجب عليك أيضاً الاستيقاظ مبكراً أو متأخراً على التوالي.
إذا كانت لديك مشكلات كبيرة حقاً في تنظيم النوم، فعليك الانتباه عند حجز رحلتك. يميل الوصول في الصباح إلى التسبب في مشاكل كبيرة مع الإرهاق، خاصة وأن هذا يعني تواصل اليوم واستمراره لفترة طويلة. نسبياً، يعد الوصول إلى فترة ما بعد الظهر أو المساء خياراً أفضل بكثير،و يعني هذا أنه لا يتعين عليك سوى البقاء مستيقظاً لبضع ساعات فقط. يمكنك التنقل في مدينتك الجديدة قليلاً، وتناول شيء ما، ثم النوم. يمكنك أيضاً محاولة تغيير أوقات وجباتك أقرب إلى الوقت الذي ستتاولها في وجهتك.
-
اضبط ساعتك على المنطقة الزمنية الجديدة
يجب أن يبدأ الانتقال إلى المنطقة الزمنية الجديدة قبل صعود الطائرة، سيساعدك هذا ذهنياً للتوقيت الجديد. وبمجرد أن تكون على متن الطائرة، اضبط ساعتك على التوقيت المحلي للوجهة الجديدة وابق مستيقظًا إذا كانت لا تزال نهاراً هناك. حتى إذا كان الضوء خافتاً في وجهتك، فقد يكون من الصعب منع نفسك من النوم على متن الطائرة لأن الأضواء خافتة عادةً. ومع ذلك، يمكن أن يعمل هذا لصالحك إذا كان التوقيت ليلاً في وجهتك، حتى تتمكن من النوم على متن الطائرة! حاول النوم على متن الطائرة إذا كان الوقت ليلاً في وجهتك، أو ابقَ مستيقظاً إذا كان نهاراً. قد يكون من الصعب إجبار نفسك على النوم، وقد يكون ذلك الأمر محبِطاً، الأمر الذي قد يمنع النوم بعد ذلك.
-
تناول قدراً معتدلاً من الطعام
ابتعد عن الوجبات السريعة، فقط. سِر على نظام غذائي معتدل لبضعة أيام قبل السفر، والصيام يوم الطيران. هذه إحدى التجارب الشخصية التي اختبرتها على نفسي، ونجحت بشكل جزئي. ربما لأنني أتوتّر أساساً قبل السفر، فأعالج ذلك بنظام غذائي معتدل. لم يثبت فعالية أي نظام غذائي للوقاية من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة. على الرغم من ذلك، لا يوصي الأطباء بتناول نظام غذائي عالي الكربوهيدرات، أو نظام غذائي دهني قريباً من وقت النوم لآثاره السلبية عليه.
خطوات لتخفيف اختلاف التوقيت في الطائرة
خطّط لنومك في الطائرة!
من المفيد بشكل خاص تكييف إيقاع جسمك فيما يتعلق بالوقت الذي تنام فيه وتستيقظ في الموقع الجديد. فعلى سبيل المثال، إذا كنت ستطير شرقاً، فسترغب في النوم على متن الطائرة، لذلك من الأفضل ارتداء الملابس المريحة. احمل معك مخدة للنوم في الطائرة، واستخدم بعض سدادات الأذن لتجنب الإزعاج بسبب الضوضاء المحيطة. إن لم تحصل على قسط كبير من النوم بطريق الخطأ في الليلة السابقة على المغادرة، فقد يساعدك ذلك أيضاً على النوم، لأنك ستكون أكثر تعباً وقادراً على النوم بسهولة على متن الطائرة. أقوم كذلك بتمارين التنفس التي تساعدني على تهدئة نفسي، والنوم. الشهيق مع العد إلى ٣، حبس النفس لثانية، ثم الزفير مع العد إلى ٥. أكرر هذه العملية عدة مرات، حتى أهدأ وأنام.
نصيحة: بمجرد صعودك الطائرة، انظر حولك واسأل المضيفة إذا كان هناك أي مقاعد أو صفوف مجانية متبقية، من السهل الحصول على ذلك إن كانت الطائرة غير ممتلئة. إذا كان بإمكانك الانتقال إلى صف مجاني، فستتمكن من الاستلقاء بشكل أفقي تماماً.
اشرب الكثير من الماء
أعلم أنني أذكر هذا الأمر كثيراً؛ اشرب الكثير من الماء خلال مشيك، وفي الطائرة. اشرب الماء بكثرة يومياً على كل حال، فستحتاج إليه أكثر قبل وأثناء وبعد رحلتك لمواجهة الجفاف. عادة ما يكون الهواء داخل الطائرات جافاً تماماً، وستلاحظ ذلك بشكل واضح على بشرتك وحلقك. لذا اشرب بعضاً من الماء من حين لآخر للحفاظ على ترطيب جسمك بمستوى صحي.
تجنب الكحول أو الكافيين قبل عدة ساعات من التخطيط للنوم. يمكن للكحول والكافيين أن يؤثروا على النوم بشكل كبير، ويسببان الجفاف لجسمك. القهوة والشاي الأسود ليستا مشروبات يجب أن تشربها على متن الرحلة بما أنهما يسببان الجفاف لجسمك، فمن أفضل الخيارات هي شرب الماء، والعصير.
نصيحة: احمل معك قارورة ماء، وقم بتعبئتها بعد المرور بالأمن في معظم المطارات. حاول شرب ١١٠٠مل على الأقل.
تحرّك داخل الطائرة
انهض وامشِ بشكل دوري، وقم ببعض التمارين الثابتة. قِف في ممر الطائرة أو في الخلف (إن كنت لا تريد نظرات عجيبة) ومدّد أطرافك وظهرك على الأقل. ولكن تجنب ممارسة التمارين الرياضية الثقيلة بعد وصولك، وبالقرب من وقت النوم، لأنها قد تؤخر النوم. شخصياً أفضّل الجلوس بجوار النافذة، لكنني مع ذلك أحرِص على القيام والمشي كل ساعتين. الأمر ليس بذلك الصعوبة طبعاً، فقط أحتاج إلى الاستئذان ممن يجلس جواري.
خطط للبقاء يوماً أو ليلة في منطقة وسط
إذا كان لديك وقتاً كافياً، أو سمحت محفظتك، فتوقف في طريقك. بالنسبة للرحلات الطويلة لمسافات طويلة باتجاه الشرق إلى آسيا أو أستراليا أو نيوزيلندا على وجه الخصوص، فإن التوقف المريح يمكن أن يفعل المعجزات لمعركتك ضد اضطراب النوم. من المحتمل أن ينتهي بك الأمر لقضاء بضعة أيام في دبي، أو بانكوك، أو كوالالمبور! لا تحتاج لأكثر من يومين في هذه المدن على أي حال. خذ الوقت الكافي لاستكشاف مكان مريح، وتناول طعام جيد. شاهد القليل من المنطقة قبل أن تنتقل إلى رحلتك القادمة محمّلاً بطاقة جديدة! ستلاحظ أنك ستتكيف بسهولة أكبر مع تغير الوقت وستحصل على وجهة أخرى على طول الطريق.
كيف تتغلب على اضطراب النوم عند وصولك؟
اتبع النظام وروتين النوم نفسه في وجهتك
التعرض لأشعة الشمس يساعد على تنظيم الإيقاع اليومي، حاول أن تعرّض نفسك لضوء الصباح الساطع في الرحلات المتجهة غرباً في وجهتك الجديدة. في المقابل، تجنب التعرض للضوء بعد الظهر والمساء. أما في الرحلات المتجهة شرقاً، تجنب التعرض للضوء المبكر في الصباح، واحصل على أكبر قدر ممكن من الضوء في فترة ما بعد الظهر وأوائل المساء، خاصة وأن الضوء يساعد على تغيير الساعة البيولوجية لجسمك. فعلت ذلك كتجربة في الرحلة الأخيرة من كوالالمبور إلى ميونخ. وشعرت بالراحة، واستيقظت في وقتٍ مناسب اليوم التالي.
استرح في الأيام القليلة الأولى
من الأفضل في الأيام القليلة الأولى التي تقضيها في وجهتك أن تعتاد ببطء على البيئة والمنطقة الزمنية، لذا أجّل مغامراتك التالية حتى اليوم الثالث مثلاً. وحتى ذلك الحين، حافظ على برنامج رحلتك خالياً من الإجهاد. تستغرق الرحلة الطويلة جهداً كبيراً من جسمك وتستحق بالتأكيد بعض الوقت للتعافي. سيكون التأثير على جسدك أقوى -وربما أسوأ- بشكل خاص إذا سافرت من منطقة باردة إلى منطقة ساخنة والعكس صحيح.
يحتاج جسمك لبضعة أيام للتأقلم. لا تقلل من شأن التغييرات على جسمك إذا شعرت بالتعب والخمول. قد ترغب في الانغماس مباشرة في مغامرة أو المشي، ولكن أفضل حل لك هو القيام بنزهة قصيرة، واعطِ جسمك قدراً كافياً من الراحة. إذا كانت لديك مشاكل في النوم، فقم بنشاط أكثر حركة عند الوصول، أو مارس الرياضة أو العدو الخفيف. قد تنام في الليل وتشعر بالإرهاق، لكن المزيج الصحي من النشاط والاسترخاء هو بالضبط ما يحتاجه جسمك في الأيام القليلة الأولى في مكان جديد.
ماذا عن الميلاتونين؟
يساعد الميلاتونين الذي يتم إفرازه بشكل طبيعي في أجسامنا على تنظيم الروتين اليومي حتى ننام ليلاً. لكن الأبحاث لا تزال مستمرة حول فعالية أقراص الميلاتونين المكمّلة لمكافحة اضطراب اختلاف التوقيت والنوم. وشخصياً، أحمِل معي أقراص الماغنسيوم أينما سافرت، خاصة وأنني أسافر بين خطوط زمنية مختلفة لفترات متواصلة. والأسوأ من ذلك أن رحلاتي كانت قصيرة في السنوات الماضية، ولا تزيد عن أسبوعين.
في إحدى المرات؛ اقترح عليّ الطبيب أخذ ٣ ملغ من الميلاتونين قبل ساعة أو ساعتين من وقت النوم في الوجهة التي سأصلها، وعليّ التخطيط للنوم ٨ – ١٠ ساعات تقريباً. وعليّ دائماً أن آخذ في عين الاعتبار ساعة أو ساعتين ليبدأ مفعول الميلاتونين. قد تبدو أو ١٠ ساعات وكأنها وقت طويل جداً، ولكن من الأفضل السماح بوقت نوم أكثر، في الأيام الأولى على الأقل. يبدو أن الميلاتونين آمن إذا تم تناوله على المدى القصير، ولكن آثاره على المدى الطويل غير معروفة. لذلك؛ إن كنت ترغب في تجربة الميلاتونين، استشر طبيبك أولاً.
اطّلع كذلك على صفحة أدوات السفر. وضعت فيها قوائم لمواقع وتطبيقات ستفيدك في المطارات.
لا تعليق