اختيار المرشد السياحي خلال ترتيب الرحلة السياحية الدولية ليس أمراً سهلاً، وهذا طبيعي جداً. قد تثق في المراجعات التي تقرأها على الانترنت، وشخصياً؛ أثق فيها بنسبة جيدة. سترى الأشخاص الذين يكتبون مراجعة سلبية لأن المتحف مزدحم، أو أن خدمات المطعم سيئة، أو أن حديقة الحيوانات سيئة للغاية، إنها بناء عن تجاربتهم الذاتية. وتريد بالتأكيد لمسة شخصية لرحلتك سواء كانت فردية أو عائلية. وهذا ما يجعل اختيار المجموعات الصغيرة أفضل من الكبيرة طبعاً. إضافة إلى نقطة الخصوصية التي يضعها معظم المسافرين من أجل راحة عائلتهم، لكن ذلك قد يكون مكلفاً للبعض عند توكيل المهام إلى الدليل السياحي المحترف.
سألت في تويتر عن المرشد السياحي المفضل لدى متابعيّ، وما إن كانوا يعملون لحسابهم الخاص أو الشركات السياحية. فاجأتني الإجابات في الحقيقة، والتي ذهب معظمها إلى: مرشد سياحي مواطن يعمل لدى شركة سياحية. أقول هذا لاشتراط الكثيرين من المسافرين الذين أتابعهم وجود مرشد عربي في بلدان لا تتحدث العربية!
قاعدة أخطط لتدوينة عن المرشدين السياحيين وكيفية اختيارهم. وأبغى أركز على الحاجات اللي تفضلوها، وأنواع المرشدين السياحيين في أي بلد تزوروه (التدوينة ماهي مقتصرة على ماليزيا).
— asma Qadah 🇲🇾 أسما قدح (@a_Qadah) June 19, 2020
هدا التصويت كمان بيساعدنا كشركات وهيئات سياحية في توفير نوع المرشدين السياحيين، وتأهيلهم
تعلن الشركات السياحية عادة عن رحلات جماعية تسيّرها لمجموعة متنوعة من المناطق السياحية في مدينة أو دولة ما عن مهمتها وشغفها بالمكان. وأقدّر شخصياً الشركات التي تهتم بالبيئة المحلية، وتُعنى باستدامة السياحة، ولا تتحدث عنها فقط. فإذا كانوا يهتمون بالمنطقة المتخصصين بها، فإنهم سيهتمون بالسكان المحليين الذين يعملون معهم. لنفترض أنك تخطط لرحلة في منطقة جديدة، وتبحث عن المرشد السياحي الذي سيرافقك طوال الرحلة أو جزء منها..
ما هي الأسئلة المهمة التي يجب أن تفكر فيها؟
بشكل عام، اسأل المرشد السياحي عن خلفيته وخبرته. اسأل عن عدد السنوات التي قضاها في المنطقة التي ستسافر إليها، وما إذا كان من السكان المحليين أو الوافدين، أو نشأ في تلك المنطقة. جميعهم جيدين، ولكن تأكد من أنهم لا يؤدون عملهم بناءً على كتيب الرحلات! تخبرك بعض المواقع عن اهتمامات المرشدين وإعجاباتهم، فإذا كان لديك مجال اهتمام معين، كالتاريخ أو المطاعم، فإنك تريد شخصاً لديه معرفة حقيقية بهذه المجالات.
هل يجب أن تعطي تعليمات كثيرة للتأكد من سير رحلتك بالشكل الصحيح، أم تترك الأمر بيد المرشد السياحي؟
لا! لا تدع المرشد يفعل كل شيء بالكامل. هذا هو الجانب السلبي الكبير للسفر في جولة جماعية كبيرة حيث تتبع علامة، أو مظلة، وترتدي سماعات رأس سيئة. في تلك الحالات، ربما يكون السماح للمرشدين بعمل ما يقومون به هو خيارك الوحيد. ولكن إذا كنت قد حجزت جولة يمكن إدارتها بحجمها أو خصوصيتها، فمن واجبك ومسؤوليتك مشاركة أفكارك ومخاوفك ورغباتك قبل وأثناء الجولة.
المرشدين السياحيين بشر ولا يمكنهم قراءة رغبات العميل على الفور أو حتى خلال الفترة القصيرة التي نتجول فيها معاً. لذا، كلما زادت المشاركة كلما كان ذلك أفضل للجميع. يريد المرشد أن يكون راضياً أيضاً، لذلك إذا كان العميل يعرف ما يريده، فهو يعطي أفكار للدليل والإمكانيات حتى يتمكنوا من فعل المزيد.
كيف تختار المرشد السياحي المناسب؟
في البداية، هناك أنواع مختلفة من المرشدين السياحيين في السوق، هناك مثلاً مَن يعمل لنفسه، أو يتبع لشركة سياحية. دعني أخبرك سراً قد لا تتشاركه معك الشركات السياحية في ماليزيا على الأقل: جميع المرشدين السياحيين يعملون في الأساس لحسابهم الخاص. وما يحدث ببساطة أن عليهم أن يكونوا مرخّصين من وزارة السياحة لتتمكن الشركات السياحية من توظيفهم بناءً على نوع العميل أو العملاء. وأكرر هنا أن محور الحديث في التدوينة هو اختيار المرشد السياحي وليس الشركة السياحة التي تحجز عن طريقها أو مشغل الرحلات.
هناك خطوات بسيطة يمكنك اتباعها حتى تضمن جودة الخدمات التي ستدفع مقابلها. جميعنا يعلم أنه لا يوجد شيء مجزٍ ومنير وملهم مثل السفر إلى مناطق جديدة واستكشاف عوالم جديدة. وسواء أكنت تقيم لفترة قصيرة أو طويلة، فإن أفضل طريقة مطلقة لزيادة تجربتك والاستمتاع إلى أقصى حد هي من خلال الاستعانة بمرشد سياحي ذي خبرة. فالقيمة التي يمكن أن يقدمها المرشد السياحي ذي الخبرة والمعرفة، بداية من تخفيض حواجز اللغة إلى التوصية بأفضل المطاعم المحلية غير السياحية، لا يمكن التقليل من قيمتها.
ابحث عن المرشد السياحي الشغوف بعمله
ما يجعل جولتك السياحية جولة عادية أو جولة عظيمة هو الشغف. هناك مَن يراها مجرد وظيفة، وهناك مَن يراها رسالة. سيبحث المرشد السياحي العادي عن طريقة للحصول بقشيش أكثر، ولكن المرشد السياحي الشغوف سيبذل جهده لتكون رحلتك غير منسية. يمكنك رؤية ذلك في وجوهم وسلوكياتهم، فلا شيء يجعلهم أكثر سعادة من خدمة الآخرين ومساعدتهم على الحصول على تجربة إيجابية ومجزية. إنهم متحمسون لإبراز وطنهم بشكل مميز ويرحبون بك كضيف في وطنهم.
أحد المرشدين السياحيين الذين استأجرتهم في فيتنام رفض العمل في المكاتب المريحة، فقط لأنه كان يحب السياحة ويجد متعته فيها. التقيت أيضاً خلال سفري مرشدين سياحيين يبقون أسابيع بعيداً عن عائلاتهم، وحتى المرشدين السياحيين الذين يعملون معي هنا في ماليزيا لا يعودون إلى عائلاتهم وقراهم إلا مرة في الشهر لأنهم يؤمنون بأهمية ما يقومون به. ليس كمصدر رزق فقط، وإنما رغبة في تقديم كل ما يستطيعون بشكل ساحر.
الخبرات الجيدة التي يمتلكها الدليل السياحي
يحتاج المرشد السياحي الحقيقي إلى الحصول على جميع المؤهلات ذات الصلة، باعتبار أنها متطلبات قانونية أساسية للعمل كمرشد سياحي. ولكن أكثر ما يحتاجه هو الخبرة في إدارة الجولات والمجموعات. إدارة وقيادة مجموعة من المسافرين ليست أمراً سهلاً دائماً، خاصة وأن الجميع هنا أغراب. ولكن الأمر يختلف من شخص لآخر، هناكَ ما يستطيع التأقلم سريعاً معَ مرافقيه. وهذا ما يقوم به المرشد السياحي الرائع، فهو يعرف كيف يدير المجموعة ليخلق تجارب وذكريات مشتركة قوية. ويعرف أيضاً متى يمنح المسافرين مساحة ووقتاً يقضونه بمفردهم. وبشكل مثالي، تحتاج إلى مرشد سياحي بخبرة لا تقل عن 5 سنوات.
لا تنسَ أن المرشد السياحي المتمرّس أكثر من مجرد آلة لتوصيل حقائق تاريخية ومترجم يسير على قدمين، إنه صديقك في السفر. من المهم أن تتعرف على دليل السفر المرافق لك، ويتعرف في المقابل على ما أنت شغوف به.
المرشد السياحي المتعلّم والمُحترم
المؤهلات والخبرة أمر بحدّ ذاته، ولكن المعرفة شيء آخر. يمثل المرشد السياحي الجيد جسراً بينك وبين بلدانهم والمجتمعات التي ستزورها. إن معرفتهم بالتاريخ والمناظر الطبيعية والناس ستثبت أنها لا تقدر بثمن لأي رحلة متميزة. أكثر ما أحبه في وجود المرشد السياحي هو المعرفة الحقيقية بالمناطق التي علي زيارتها، المطاعم غير السياحية، وأين أجد أفضل المنتجات بعيداً عن المراكز السياحية.
شاهد كيف يتفاعل مرشدك السياحي مع المواطنين المحليين، هل هم طيبون ومرحون أم أنهم يسيؤون التعامل معهم؟ العديد من المرشدين السياحيين يلقّنون التاريخ الذي تعلموه خلال التدريب النظري، والذي قد يكون أمراً مملاً! هل يحرص مرشدك السياحي على سرد قصص شخصية أو أن له طريقة خاصة في سرد المواقع التاريخية؟
الدليل السياحي يستمِع إليك في الرحلة
يلتزم العديد من المرشدين السياحيين بالجدول السياحي لديهم، وغالباً ما يمكن أن يكونوا واحة للنظام والهدوء في كوارث السفر. ولكن المرشد السياحي المتمرّس يستمع بقدر ما يتحدث. وهذا يعني أنه سيسعى للتعرف عليك كشخص وليس مجرد سائح. إنه يدرك أهمية تقديم أفضل تجربة ممكنة لمعرفة رغباتك الشخصية خلال السفر.
بشكل تلقائي، سيسألك: هل تحب التاريخ أو تتوق للتجارب الحية والمغامرات. هل تريد حضور الحفلات المحلية أو المشاركة في أنشطة ذات معنى أكبر. هل ترغب في رحلة نموذجية فاخرة، أم أنك تفضل التجربة المحلية مع السكان المحليين. أخبر مرشدك السياحي بهذه الأمور، وما الذي تفضّله في إجازتك وسيسعى إلى خلق تجربة سفر تناسبك.
متى يجب الاستعانة بالمرشد السياحي؟
١) عندما تكون الرحلة قصيرة جداً:
يمكن أن يوجه المرشد السياحي ذو المعرفة الكبيرة تركيزك على ما هو مهم فقط لزيارة المعالم السياحية. سيكون هذا الأمر مفيداً جداً إن كانت رحلتك قصيرة في المدينة أو القرية بدلاً من تضييع وقتك مثلاً. تخيل مثلاً أنك ستزور الميناء في رحلة بحرية، لن يكون لديك الكثير الوقت لاستكشاف خبايا المكان.
أخبرني أحد أصدقائي أنه بدلاً من متابعة الحشود القادمة من السفينة إلى نفس المتاجر، استأجر مرشداً سياحياً قبل وصول الميناء، مع تعليمات لإبعاده عن المجموعات الكبيرة، وفي الطبيعة لإقامته التي لن تزيد عن نصف يوم في الميناء. ظهر الدليل في السفينة في وقت مبكر بسيارة مريحة، وأخذه إلى التلال والشلالات البعيدة وغير المعروفة، ثم الغداء في مطعم القرية. وحين عاد إلى الميناء مبكراً للاستراحة. أخبرني بأنه شعر وكأنه قضى عدة أيامٍ في الخارج وليس مجرد ساعات!
٢) عند تكرار زيارة مكانٍ زرته من قبل:
هناكَ من يكررون زيارة ماليزيا منذ سنواتٍ مثلاً، ويضطرون أحياناً إلى زيارة المناطق ذاتها لأنهم لا يعرفون غيرها! هنا يأتي دور الدليل السياحي في الرحلة، استعن بدليل يمكنه أن يمنحك نظرة غير مألوفة عن الدولة. سيكون لدى المرشد السياحي الموهوب كمّاً من المعرفة المحلية فيما يقدمه، حتى لأولئك الذين يعتقدون أنهم سئموا من مكان معين.
٣) عند زيارة المواقع الخطرة أو الفوضوية أو الشعبية أو المغامرات:
إذا كانت وجهتك تتمتع بسمعة غير جيدة على المستوى العام، أو الشوارع الخطيرة أو التي لا يمكن التنبؤ بها فإن الاستعانة بمرشد سياحي جيد لا يمكن أن يوفر لك الوقت فحسب، بل يبقيك أيضاً آمناً، ومرتاح البال. سيعرف المرشد السياحي الجيد دائماً أفضل الساعات لزيارة المناطق المهمة، أو عندما تكون الأسعار أفضل، والأماكن التي يمكنك تخطيها، وكيفية تجنب ساعة الذروة، وما هو مغلق أو قيد الإنشاء، وأي عدد من الحيل والتكتيكات التي ستساعدك في الحصول على أقصى استفادة من موقع تمت زيارته بكثرة. يمكنك أيضاً الاستفسار عما إذا كان الدليل لديه طريقة خاصة للوصول إلى المناطق السياحية أو أسعار وخصومات غير منتشرة.
استعن بمرشد سياحي أيضاً إن كنت ستذهب في رحلات السفاري، وتسلق الجبال، والغوص، وصيد الأسماك في أعماق البحار. إلا إذا كنت خبيراً مطلقاً في مغامرتك التي اخترتها، فقد يكون الاستعانة بدليل مسألة حياة أو موت. حينما زرت سلطنة عمان، كنت أعلم أنني أريد الخروج من مسقط وزيارة مناطق لا تشتهر في أدلة السفر المطبوعة. رياض، مرشدي في سلطنة عمان ساعدني كثيراً للتعرف ليس على البلاد وحدها، بل جمعني بالكثير من السكان المحليين أيضاً. وإذا كنت من كبار السن وبحاجة إلى مهارة معينة، فلا يزال من الجيد تعيين مرشد يعرف المنطقة المحلية ويمكنه مساعدتك في التنقل في مكان غير مألوف.
٤) في الإقامات الطويلة:
عندما تقيم لأكثر من بضعة أيام في نفس الموقع، ولنفترض أن لديك إجازة لمدة أسبوعين في لندن، فكر في الاستعانة بمرشد سياحي في أول يومين لمساعدتك في الحصول على نظرة عامة عن المكان في وقت مبكر من رحلتك. أو ربما فقط لزيارة كل المناطق السياحية وإزاحتها من جدولك. يمكنك استئجار الدليل السياحي أيضاً في وقت متأخر من إقامتك عندما تكون قد استنفدت المناطق السياحية المتعارف عليها، وتبحث عن معرفة أعمق وأكثر حميمية للمكان.
٥) عند زيارة الوجهات التاريخية في الرحلة:
في الأماكن الغنية بشكل استثنائي بالمواقع التاريخية أو الثقافية، يمكن أن يقدم المرشد السياحي المتعلم عمقاً من الخبرة والمعرفة يتجاوز مقتطفات الدليل الإرشادي أو قراءة اللوحات. يمكن أن يشرح الدليل الجيد القصص وراء المنحوتات المعقدة على المعبد الهندي، أو بعيداً عن التاريخ المعلب في متحف مصر الوطني، وكيف كانت حياة الفراعنة.
٦) عندما تكون حواجز اللغة عالية:
عند زيارة مكان لا تتحدث فيه اللغة المحلية ومن غير المرجح أن يتحدث السكان المحليون لغتك، وغالباً لا تكون اللغة الإنجليزية منتشرة فيه أيضاً كما في إندونيسيا أو لاوس. سيكون الدليل السياحي المحلي مفيداً جداً في هذه الحالة، خاصة إن كان يتحدث لغتك. وعند اختيار أحدهم، حاول الدردشة مع الدليل عبر الهاتف مقدماً لتحديد مدى قوة لغته.
مصدر الصورة المميزة: جريدة The Star الماليزية
لا تعليق