الرحالة الرقميون اقتصاد الاشتراكات عيش نمط الخدمات المشتركة

الرحالة الرقميون اقتصاد الاشتراكات عيش نمط الخدمات المشتركة


شكّلت الخدمات القائمة على الاشتراكات مثل نتفليكس، أو وي وورك شكلاً مثيراً للطريقة التي نعيش بها حياتنا. لقد نمت شعبيتها خلال أزمة كوفيد-١٩، وأصبحت أداة يومية لمساعدتنا على عيش حياة لا تتعدى بيوتنا. وساهمت التغيرات المجتمعية الأخيرة مثل العمل من المكتب والبيت معاً، أو العمل عن بعد، ونمط حياة الرحالة الرقميين على شكل العمل ونموذجه. وهو ما أثّر بشكل كبير على تغيير الشكل الذي نرى فيه أنفسنا، متجذّرين في بلد أو مجتمع ما. وهو ما جعل حياة الاشتراكات جزءاً كبيراً من حياتنا.

يتجسد هذا التحول في أسلوب حياة الرحالة الرقميين على نحو أكبر. فمن جهة؛ تحاول الدول التي تعتبر ملاذاً للعاملين عن بُعد جذبهم لها، فيما هم يبحثون عن أسلوب حياة يوفّر التوازن بين العمل والحياة العائلية. ويتم تشجيعهم من قبل دول مثل إستونيا أو البرتغال للحصول على تأشيرات عمل، والمساهمة في اقتصاداتهم المحلية. وبهذه الطريقة، يمكنهم السكن في المساكن المستأجرة من AirBnb، والتنقل داخل المدن باستخدام أوبر. ثم حجز مكاتب العمل المشتركة، وإيداع شيكاتهم في بنك رقمي.

اقتصاد الاشتراكات في كل جزء من حياتنا

هو مجموعة من الشركات التي تعتمد على الاشتراكات كنموذج للأعمال، بدلاً من نماذج الدفع لكل منتج أو خدمة تقليدية. ظهر تحول ملحوظ في استراتيجيات نمو الأعمال التجارية في السنوات الأخيرة، وتوجّه العملاء والشركات إلى النموذج القائم على الاشتراك. وقد تتضمن نماذج الاشتراك الدفع حسب الاستخدام، أو الدفع لكل اشتراك. كما يمكن للعملاء الاشتراك في المنتجات والخدمات شهرياً أو سنوياً عبر الاشتراك كخدمة.

فمثلاً، نجحت العلامات التجارية العالمية للعمل الجماعي مثل WeWork و Spaces في بيع المستهلكين خدمات عند الدفع مقابل الوصول إلى المساحات المستأجرة. وعلى نفس النمط، تسعى شركات السكن على الترويج لأسلوب الحياة الرقمية، وبالتالي ضمان استمراريته. ففي عام ٢٠٢١، أجرت Airbnb مسابقة لإثني عشر شخصاً، “للعيش في أي مكان” في المساكن المُدرجة مجاناً لمدة عام. ورأينا في السنتين الأخيرتين ظهور المزيد من مزودي الإقامة، ذوي العلامات التجارية لخدمة الرحالة الرقميين والعاملين عن بعد. ولكل منهم نكهته الفريدة ونقاط البيع الخاصة. وقريباًو سيكون من الطبيعي تماماً وجود علامات تجارية عالمية مقابل أماكن إقامة مرنة عبر مدن مختلفة، بدلاً من الاستئجار من مالك واحد. ومع زيادة عد الرحالة الرقميين، فإن البنية التحتية آخذة في الظهور بسرعة لخدمتهم كسوق مستهدف وطبقة سياسية. حيث تقوم شركة SafetyWing ببناء شبكة أمان اجتماعي عالمية للتأمين الصحي والأطباء عن بُعد.

الفئة المستهدفة الرحالة الرقميون اقتصاد الاشتراكات عيش نمط الخدمات المشتركة

الفئة المستهدفة؟ الرحالة الرقميين!

تعد الصعوبات الاقتصادية الحالية على الأفراد -خاصة لدى جيل الألفية- سبباً آخر للرغبة في استمرار نمط حياة الاشتراكات. في المقابل؛ انتشر العمل عن بعد بشكل كبير جداً بين عام ١٩٩٥، وحتى اليوم. وأصبح مع الحفاظ على نمط حياة مرنة أكثر قيمة وإقبالاً، خاصة من جيل الشباب. فكما تعلم، يفتح العمل عن بُعد أسلوباً جديداً لكسب دخل والتعليم والسفر، ولا يتطلب أي منها بشكل عام ملك عقارات.

وهذا ما ساعد على ظهور نماذج المساحات كخدمة (Space-as-a-service)، والتي تشمل العمل المشترك والعيش المشترك. وزاد في نموّها بشكل كبير، وانتشارها في الكثير من الدول المُستقطبة للعاملين عن بعد. حيث تتقلّص المفاهيم التقليدية للمساحات العامة، مقابل الخاصة تدريجياً. فكما تعلم، يمنح العمل عن بعد الأفراد المرونة في اختيار البيئة التي يعيشون بها يومهم. ويفضل جيل الألفية بشكل عام العمل في بيئات ذات تفكير متشابه، والاستمتاع بأماكن العمل الاجتماعية. إضاف لمحفزات مثل ساعات العمل المرنة، وفرص وافرة للسفر والاستكشاف. يجذبهم اقتصاد الاشتراكات كثيراً لأنهم ينجذبون بشكل أقل إلى فكرة الشراء، وأكثر نحو التجارب والأحداث والفرص. وهذا ما يتوفّر غالباً في مساحات المعيشة المشتركة (أو شركات LaaS).

ما الذي نعنيه بمفهوم السكن كخدمة (LaaS

السكن (أو المعيشة) كخدمة (Living as a Service) هو أحد أسرع القطاعات انتشاراً، وأبرزها في اقتصاد الاشتراكات. والذي يدور حول فكرة مركزية: الملكية ليست كل شيء. ففي الأساس، امتلاك منزل ليس شرطاً أساسياً للعيش فيه. وفي حالة المعيشة القائمة على الاشتراكات، فإن الفكرة الأساسية هي فرض رسوم شهرية على العملاء مقابل الإيجار والمرافق المقدّمة. وغالباً ما يشمل ذلك المنازل الجاهزة، والمجهزة بالأثاث كاملاً. وتشمل كل احتياجات الساكنين، بما في ذلك الترفيه. وأحياناً ما يتم تضمين خدمات التنظيف والكونسيرج أيضاً.

الاشتراك للسكن بدل الإيجار

الاشتراك للسكن بدل الإيجار

يعد السوق السكني المتعدد للأفراد والعائلات مُجهزاً لتقديم نفس الامتيازات والاختيارات التي استفاد منها الاقتصاد التشاركي، فالمرونة هي العملة الجديدة. حيث تسمح حياة الاشتراكات للناس بتغيير منازلهم متى احتاجوا ذلك، سواء كان لوظيفة جديدة، أو نمط الحياة التي يعيشونها، أو العلاقات العائلية. وهو ما يغير بشكل عام نظرتنا نحو المنزل، أو المسكن الذي ارتبطت به ذكرياتنا الشخصية والعائلية. وتغيرت الطريقة التي نختار فيها مساكننا الحالية أيضاً. فبدلاً من الاختيار ما بين المناطق الحضرية أو النائية، أو الإيجارات المرنة أو بعقود طويلة، أو العمل عن بُعد أو العمل التقليدي. يمكنك الآن تصميم حياتك كما تريد، وربما الحصول على كل شيء ترغب فيه. فلقد ساهم الاقتصادي التشاركي الآن إلى العيش بالاشتراكات، مهما كانت متطلبات حياتك.

اختيارك للعيش والسكن بالاشتراكات لن يكون غريباً أبداً. إنه تماماً كما تشترك في نيتفليكس لمشاهدة أفلامك، أو سبوتيفاي للموسيقى، أو كيندل للقراءة. لن يعتمد المنزل الذي تختاره على الموقع والتكلفة فقط، ولكن على نمط الحياة الذي يتم تقديمه. سيكون هذا التطور في الحياة ناجحاً إذا كانت التجربة غنية ومرضية، وتوفر اندماجاً حقيقياً في المجتمع المحلي، مع تقليل الأضرار البيئية طبعاً.

فوائد العيش بالاشتراكات

اقتصاد الاشتراكات والمعيشة المشتركة العديد من الفوائد التي لا يوفرها استئجار أو شراء الشقق أو البيوت. هذه بعض الإيجابيات الأساسية:

  • المرونة: المعيشة القائمة على الاشتراكات تساهم في انخفاض التكاليف الإجمالية، بالإضافة إلى تجنب العقود طويلة الأجل مع خيارات الإيجار من شهر إلى شهر. فهناك الكثير من الشركات والمواقع التي تتيح خطط عضوية مرنة، بمدفوعات أسبوعية أو شهرية. إضافة إلى مجموعة واسعة من مزايا العضوية، وتقليل الالتزامات المالية والقانونية للبقاء في مكان واحد. وهذا ما يجعله أمراً جذاباً للغاية.
  • الملاءمة: تخلق المرافق المشتركة والقرب من الأفراد ذوي التفكير المماثل بيئة ترحيبية تساعد على نمو المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، تسمح مساحات المعيشة المشتركة بالوصول إلى أحياء عالية الجودة ووسائل راحة أفضل من المستأجرين الذين يستطيعون تحمل تكاليفها بشكل فردي. فمع انعدام العقود أو ودائع تقلق بشأنها، تعد مساحات المعيشة المشتركة الجاهزة التي توفر الأثاث وأدوات المطبخ والمرافق والتنظيف مقابل اشتراك شهري جذابة للغاية.
  • الاستقرار والتفاعل المجتمعي: يساعد العيش في أماكن قريبة مع الأشخاص الذين يشاركونك الاهتمامات في التفكير على تعزيز التفاعل المجتمعي، والقبول الذي لا يواجهه العديد من الأفراد خارج الشكل العائلي التقليدي. ويعد إنشاء روابط مجتمعية قوية وتطوير الشبكات الاجتماعية نقطة رسم ضخمة للمساحات القائمة على الاشتراك.
خدمات اشتراكات السكن حول العالم

أين تجد هذه الخدمات؟

تختلف تكلفة برامج المعيشة التي يتم الاشتراك فيها اليوم، ولكنها يمكن مقارنتها باستئجار شقق Airbnb الخاصة كل شهر، مع توفير العديد من الامتيازات وخدمات الضيافة في المكان. إن الراحة في الإقامة، ومساحة العمل، والمجتمع المتوفر في مكان واحد هي أقرب إلى وجود حي في المبنى. وإذا انخفضت الأسعار أكثر، يمكن لهذا النوع من المساكن أن يحل محل خيارات الإسكان التقليدية للسكان المحليين وكذلك الرحالة الرقميين. وسيصبح التمييز بين هذه الفئات – المحليين والرحالة الرقميين- أكثر صعوبة، حيث تصبح المرونة هي التوقع القياسي.

فمثلاً؛ ظهرت عروض مثل Zoku، في بعض المدن الأوروبية بدفع ٥ آلاف دولار شهرياً، يشبهه إلى حد كبير موقع Oasis، والذي يجمع بين الفنادق والبيوت الخاصة معاً. فيما تتمتع العلامة التجارية للنزل Selina باشتراكات في الإقامة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وأوروبا، بتكلفة تتراوح ما بين ١١٤٠ – ٣٣٠٠ دولاراً حسب الغرفة والمدينة. أما موقع nomadstays وموقع nomadpass فمن اسمهما، يستهدفان الرحالة الرقميين بشكل مباشر، ويعرضون شققاً ومساكن في أكثر من ٧٢ دولة.

تجربتي الشخصية

وصلتني رسالة بداية العام حينما كنت في تنزانيا من شركة تقدم هذه الخدمات. ولأنها لا تزال حديثة، وبعدد محدود من الشقق في أفريقيا، اتفقنا على تجربتها في جنوب أفريقيا. وصلت كيب تاون، وأقمت في إحداها لأسبوعين، والتي كانت في حيّ ممتاز، به الكثير من الخدمات والمقاهي والمطاعم. الجانب الإيجابي منها أنني كنت واثقة من الشقق المعروضة، بدل الساعات الطويلة التي أقضيها للمقارنة بين الشقق وقراءة التقييمات. وأكثر ما أعجبني فيها أن الاشتراك الشهري هو نفسه قيمة إيجار تلك الشقق. ويمكنني ببساطة الاختيار بين الشقق والتنقل بينها فيها كل مدينة أو مدن مختلفة، على مدار الشهر، طالما أن اشتراكي سارٍ. ومازلت حتى الآن أنتظر أن تنتشر هذه الخدمة، حتى يمكنني استخدامها في دول أخرى خارج أفريقيا.

أسما قدحAuthor posts

Avatar for أسما قدح

Malaysian Travel Blogger on #TRLT. En-Ar Translator & Content Writer | مدونة ومترجمة ماليزية رحالة في الطرق الأقل سفراً

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *