هل كان عام ٢٠٢١ حافلاً لديكم كما هو بالنسبة لي؟ ربما كلمة “حافلاً” ليست مناسبة هنا، في الحقيقة. لكننا بشكل ما نتفق على كثرة الأحداث فيه، حتى وإن كانت متعلقة بحالات كوفيد-١٩ طوال الوقت. قضيتها بصراحة ما بين الترقب، والتركيز على نباتاتي التي سكنت كل ركن وزاوية من البيت، الصغيرين ومراقبتهما يكبران عن كثب. أقيّم عامي غالباً من خلال التدوين وما كتبته شهراً بشهر والتزامي بممارسة الرياضة، يدفعني ذلك لفهم نفسيتي المتغيرة بتغير الأحداث. ولا يمكنني -بالطبع- إغفال محاولاتي المتعددة للسفر ومغادرة كوالالمبور في أقرب وقت ممكن، لأي مكان في العالم.
يناير: احتفال هادئ
لا أذكر إن كان هناك أحد ما احتفل برأس السنة في عام ٢٠٢١ بشكل صاخب، كان هادئاً تماماً كما فعلنا في ٢٠٢٠. قررت قضاء ليلة رأس السنة في فندق مطل على المدينة، وحدي، وبدون أي أجهزة الكترونية غير هاتفي. حجزت غرفة في فندق Le Méridien Kuala Lumpur، والتي كانت متوفرة بسعر ممتاز. لم يكن المسموح لنا السفر بين المدن والولايات بعد، وهذا ما جعل المتواجدين في كوالالمبور يقومون بالشيء ذاته، أو كمان نسميه Staycation. مايكل، مدير الفندق كان على رأس العمل في الفندق لتسهيل عمليات وصول المقيمين فيه. وبينما أنتظر دوري وتجهيز غرفتي، تحدثنا قليلاً عن تأثر صناعة السياحة -بطبيعة الحال- وكيف أنهم يسعون جاهدين للمحافظة على توفير دخل يسمح بالاستمرار خلال العام.
خططت للنزول عصراً إلى المسبح والجلوس في تلك المنطقة قليلاً، لم أكن مهتمة بالسباحة على قدر الجلوس هناك والاستمتاع بالمنظر العام على المنطقة. ولسوء الحظ؛ أمطرت بغزارة، وكان عليهم إغلاق المنطقة المفتوحة تفادياً لأية أضرار. لم يكن متاحاً سوى الجلوس في ردهة الفندق، اتخذت ركناً هادئاً قبل وصول العائلات. في المساء صعدت إلى غرفتي، ينتظرني هناك عشاء مجهز في الفندق، تناولته بينما أشاهد الأمطار تغسل المدينة. ربما كان هذا ما يحدث فعلياً؛ لقد مرت كوالالمبور بالكثير خلال ذلك العام، ونحن أيضاً.
لم أنشر تدوينات كثيرة ذلك الشهر بسبب انشغالي بتدريب مجموعة من المدونين:
- كتب أحمد تدوينة انجليزية عن بيت المملوكة Syria: Beit Al-Mamlouka Hotel in Damascus
- ثم كتبت عن رحلتي سلطنة عمان: مسقط العاصمة المحصّنة
- واختتمت الشهر بترجمة مقالة كتبها Niklas Goke بعنوان لا تتوقف عن العيش حينما لا يشاهدك أحد
فبراير: رأس السنة الصينية عام ٢٠٢١
قضيت ساعات طويلة هذا الشهر في شرفة البيت أراقب الغروب وتكاثف الأمطار، وقلتها. حتى بدأت احتفالات رأس السنة الصينية والمفرقعات التي لا تنتهي لشهر كامل! في أوقات أخرى عدت للمشي في الغابات المحيطة بالحي، واستكشاف غابات أخرى لم أزرها من قبل. طالت ساعات العمل أيضاً، حتى وإن كنت أعمل من البيت، كان لدي حينها عميلين مهمين، بينما عملت على إحداث تغييرات في مدونتي بنفس الوقت.
لم أنشر كثيراً بسبب كثرة المقالات التي كات علي كتابتها، وكانت تدوينة سلطنة عمان: التخييم في صحراء بدية ووادي حاور الوحيدة التي نشرتها ذلك الشهر. كتبت في المقابل تدوينات على موقع أراجيك، عن الشخصيات الملهمة للسفر:
مارس: مع الصغيرين
طالت الفترة التي قضيتها بعيداً عن الصغيرين بحكم عدم السماح للسفر بين مدينتينا. فعلى الرغم من أن المسافة بيننا لا تزيد عن ٤٥ دقيقة، كان أيضاً لا يسمح بركوب أكثر من شخص في أي تاكسي أو تنقل مَن هم أصغر من ١٧ عاماً بدون أحد الوالدين. استمرّ الصغيران في نفس الوقت بالدراسة على الانترنت، ما جعلني أغامر باستئجار سيارة كبيرة لهما. تخيل ٣ أفراد في بيت واحد على أجهزة الكمبيوتر، ما بين الفصول الدراسية، وعملي. استطعنا في المقابل الذهاب في جولات مشي للغابة المجاورة، وتشاركت أنا ودانة الكثير من أكواب القهوة. لم يعد الصغيران صغيرين أبداً؛ مجاهد لديه جدوله الخاص، ودانة لديها مكالماتها مع صديقاتها.
ثم طلبت مني الشركة العمل على استعدادات السفر خلال شهر مايو، حيث ستكون اجتماعاتنا السنوية. وبالطبع؛ ألغيت كل تلك الاستعدادات في أبريل مع زيادة الأرقام والحالات المتأثرة. وزعت كل جهدي ما بين العودة إلى ممارسة الرياضة بكثافة مع فريق Bootcamp، والذي يعني الاستيقاظ في السادسة صباحاً أيضاً. إضافة إلى كتابة تدوينات عن محطات السفر التي زرتها خلال نهاية ٢٠١٩، وبداية ٢٠٢٠. كما تعلم، قبل أن أعود إلى كوالالمبور، وقبل بدء هذه الجائحة اللعينة.
- كتبت عن سلطنة عمان: عبق التاريخ في نزوى، وكانت أقرب التدوينات إلى قلبي.
- ثم كتبت عن سلطنة عمان: مناطق طبيعية لتزورها حول مسقط.
- وبالطبع كانت تدوينة أن تكون مدون سفر خلال الجائحة مناسبة هنا بعد مرور أكثر من عام منها.
- أكملت تسلسل التدوينات، بالكتابة عن رحلتي إلى فرنسا: الطبيعة في بحيرة آنسي شتاء.
- ثم المناطق المفضلة لدي في سويسرا: وكيف تقضي الشتاء في انترلاكن؟
إبريل: بوت كامب عام ٢٠٢١
زاد تركيزي هذا الشهر على ممارسة الرياضة، ولم يعد الاستيقاظ في الخامسة والنصف صباحاً مؤذياً، وأذهب إلى حديقة KLCC بدون عناء. لم يمر أكثر من شهر منذ اليوم اليوم الأول، ولم أفوّت أي يوم خلاله، بدأت ألاحظ تغييرات بسيطة في قدراتي على التحمل. لم يعد نفَسي يتقطّع حينما أمشي في الغابات مع الصغيرين، وتنفسي أصبح أفضل بشكل ما. كانت بشكل ما المخرج الوحيد من نوبات الاكتئاب من المكوث في كوالالمبور لفترة طويلة مجبرة-كغيري حول العالم- بسبب الجائحة. لا أريد هنا تذكيرك بها في كل شهر وكيف كانت أيامنا، لكنها الحقيقة.
كنت أقرأ أكثر خلال الشهر أيضاً، بينما أستمتع بالأجواء الجميلة في أبريل ٢٠٢١. قد تكون حارة في أيام، لكنها كانت أيضاً تمطر بكثافة في أخرى. أستغل الفرصة لتحضير كأس من الشاي بالحليب، بينما أشربه خلال القراءة. لم يكن هناك موضوع معين أبحث عنه، وبشكل ما كانت قراءاتي تدور حول البحث عن معنى للحياة.
- ترجمت مقالة بنفس الموضوع تريد حياة ذات معنى؟
- ثم أكملت التدوين عن رحلاتي في سويسرا: التزلج في قريندلفالد والشتاء في لوتربرونين.
- واختتمت الشهر بالحديث عن بحيرات لا يجب تفويتها في سويسرا مونترو، لونغيرن، لوغانو.
مايو: عيد الأم والمخبز الألماني في كوالالمبور
توقفت تجمعات البوت كامب بنهاية شهر رمضان للاحتفال بعيد الفطر لمدة أسبوع. كان الأمر عادياً جداً، ولم تكن هناك أية تحذيرات في الأجواء، على الرغم من تكاثف الناس في الأسواق الرمضانية والمساجد. والنتيجة؟ أصبحت التجمعات ممنوعة سواء بالتباعد أو غيره، حتى للرياضة. لم أرد حينها أن تذهب الجهود التي قضيتها في الشهرين الماضيين هباءً، فبدأت بتدريب نفسي على الجري يومياً لمسافة ٢كلم وتزيد كل يومين ٢٠٠ متراً. ثم عدت لممارسة اليوغا التي انقطعت عنها لشهرين، والتي ساعدتني كثيراً في تمديد عضلاتي بشكل أفضل بعد الجري.
كنت منشغلة يوم الأحد بتنظيف منزلي وريّ النباتات، عادتي الأسبوعية. صادف أن يوم الأحد ذاك هو يوم عيد الأم، حينما فاجأتني دانة بكعكة صغيرة وصلت إلى البيت. لم أكن أعرف أنها قادرة على شيء كهذا، إنها ببساطة أكبر مما أتخيل ❤️ وفي يوم آخر، اشتهيت خبزاً ألمانياً، بعد أن أصبحت المخابز في السوبرماركت الذي اعتدت عليه لا تصنع كميات كبيرة. وجدت أخيراً مخبز Der Backmeister، الذي يصنع أشكال متعددة من الخبز الشهي، وبأسعار أقل مما اعتدت عليها في السوبرماركت. لم يكن شهر مايو عام ٢٠٢١ ممتعاً، لذلك صببت كامل تركيزي على ما يبعث السعادة في نفسي:
- كتبت آخر تدوينة عن سويسرا سويسرا: التزلج في مرتفعات تيتليس.
- ثم تدوينة مفصلة عن دليل زراعة النباتات المنزلية للمبتدئين.
- واختتمت الحديث عن رحلاتي إلى أوروبا في ٢٠٢٠ بتدوينة عن إيطاليا: كيف تقضي أسبوعك في ميلان.
يونيو: الشهر الكئيب في عام ٢٠٢١
لا أعرف كيف مر هذا الشهر. أحاول الآن جاهدة تذكر الأحداث المهمة فيه، تنقلاتي أو أي شيءٍ آخر، وكل ما يدور في ذهني مراقبة الأمطار كل يوم من خلال شرفة المنزل. كنا لا نزال في فترة الحظر الجزئي، يُسمح لنا بالخروج كأفراد فقط، المطاعم مغلقة، الأسواق مغلقة، الحدائق لا تفتح إلا لعدد محدود في الساعة. لم أسبح لما يقارب العام حتى هذا الشهر، على الرغم من توفر ٣ مسابح في المجمع السكني. كانت الحديقة المجاورة للبيت هي المتنفس الوحيد لي، والمشي الصباحي والمسائي هو ما أستطيع فعله.
أثّر ذلك كثيراً على نفسيتي ولم أستطع كتابة أكثر مما يتوجب علي تقديمه في عملي. لذلك، كانت تدوينة إحدى عشر نصيحة للرحالة الرقميين الجدد الوحيدة المنشورة ذاك الشهر.
يوليو: الجرعة الثانية من التطعيم
كرهت فترة الخمول التي مررت بها الشهر الماضي، فكنت أحاول قدر الإمكان قضاء وقت أطول في الحديقة. ساعدني الأمر قليلاً، وبدأت الاهتمام بصحتي مرة أخرى، والعودة للقراءة بدلاً من الجلوس أمام التلفاز ومشاهدة الأفلام طوال اليوم.
لم أمش في مناطق وسط كوالالمبور الشهيرة منذ فبراير ٢٠٢٠، حتى جاء يوم تلقي الجرعة الأولى من التطعيم في الأسبوع الأخير من يوليو. خرجت من البيت بنصف ساعة قبل موعدي، كما نصحونا بذلك. لم تطل الإجراءات أبداً وخرجت من المجمع خلال ساعة تقريباً. كنت على وشك طلب سيارة توصلني إلى البيت، لكن منظر الماشين في الجهة المقابلة من الشارع جذبتني. ألقيت نظرة على الخريطة للبحث عن منطقة يمكنني السير خلالها للوصول إلى البيت. مررت خلالها بمناطق أعرفها مزدحمة للغاية في الأيام العادية، لكنها كانت موحشة. فارغة من البشر تماماً، إلا من العابرين مثلي، أو عاملي البناء، أو المنتظرين لحافلاتهم. لم أرَ كوالالمبور على هذه الهيئة أبداً، فحتى خلال الحجر الأول في عام ٢٠٢٠ كنا جميعاً في بيوتنا، ولم أرها فارغة هكذا إلا في الصور.
عدت خلال الشهر أيضاً الكتابة عن المناطق التي زرتها سريعاً خلال العام ٢٠٢٠ وبداية عام ٢٠٢١:
- كتبت عن دليل مرتفعات جنتنغ هايلاند، والتي زرتها في ٢٠٢٠ احتفالاً بعيد ميلاد دانة.
- ثم تدوينة مفصلة عن شاطئ تشيراتينغ في ولاية باهانج الذي أحب زيارته بين فترة وأخرى.
- وآخرها تدوينة ممولة عن أجمل النزل المشتركة وبيوت الشباب حول العالم.
أغسطس: أربعون عاماً
طلبت مني الشركة في منتصف الشهر بدء ترتيبات السفر إلى تايلاند. لم تكن هناك أي صعوبات في تقديم طلب تأشيرة تايلاند، بينما كانت الصعوبات تتمحور حول موافقة الحكومة الماليزية لأسافر. بين ترجمة المستندات، وكتابة الخطابات الرسمية، ومهاتفة الأصدقاء والمعارف ذوو الصلة، مضى الشهر ببطء شديد. كانت أهم الترتيبات هي توزيع نباتاتي الكثيرة، والتي لا يستطيع أحد العناية بها كما أفعل. وزعت مجموعة من النباتات سهلة العناية بين الأصدقاء، وذهبت النباتات الأكبر والمفضلة لدي للمشتل الذي كنت أشتري منه نباتاتي خلال العام. كان شعوراً غريباً، خاصة بعد أصبحت الشقة فارغة تماماً من كل النباتات، والجدران والأرفف عارية.
ثم جاء يوم ميلادي. لا أذكر بالتحديد متي كانت آخر احتفالاتي بعيد ميلادي بشكل صاخب. معظمها كانت أكثر هدوءاً مع مغادرة الكثير من أصدقائي كوالالمبور وتوزعهم حول العالم. خرجت مساء هذا اليوم إلى حديقة KLCC لتناول العشاء والاستمتاع بالأجواء المعتدلة يومها. لم تكن هناك أي احتفالات صاخبة، لكنني ارتديت فستاني الأزرق الذي اشتريته خصيصاً لهذا اليوم. تناولت طبقي وكعكاً في مطعمي المفضل، ثم مشيت حول الحديقة لساعات. قررت في اليوم التالي المشي في أكثر شوارع كوالالمبور ازدحاماً قبل كوفيد-١٩، أردت رؤية المدينة في هذا اليوم، وشراء حذاء جديد للسفر، هدية لنفسي. مشيت لمسافات طويلة في شارع بوكيت بينتانج، والتقطت صوراً للمدينة الخالية من السائحين.
من السيء أنه لم تكن هناك أية احتفالات رسمية بيوم الاستقلال، للسنة الثانية. لكن شرفتي المطلة على البيوت والجبال تعني مراقبة الألعاب النارية التي أطلقها جيراني وآخرون كانت أفضل من التزاحم في مكان صغير. نشرت هذا الشهر:
سبتمبر: مستندات هنا وهناك
وصلتني رسالة عدم السماح للسفر بعد انتظار دام أسبوعين كاملين. لم يُذكر أي سبب وجيه للاعتراض سوى أنها “رحلة غير مهمة”! لم يكن أحد منا يعرف أي نوع من رحلات العمل مهم أم لا. جمعت كل مستنداتي مرة أخرى: خطاب الشركة، جدولي الأعمال، تأشيرة تايلاند، تصريح الموافقة بدخول تايلاند، حجز فندق الحجر، تذاكر السفر المؤكدة، تأمين السفر، شهادة إكمال التطعيم. غيرت مسار رحلتي من كوالالمبور- جزيرة بوكيت، إلى كوالالمبور- بانكوك، نصحني أحد المسؤلين المقربين بذلك باعتبار جزيرة بوكيت توحي بأنها رحلة سياحية أكثر من كونها رحلة عمل. أرسلت مستنداتي، وبدأت متاهة الانتظار مرة أخرى.
صببت كامل جهدي هذا الشهر للكتابة عن الرحالة الرقميين، باعتبار ندرة المحتوى العربي الجيد عن هذا الموضوع. وبالحديث مع “مروة” لساعات جاءت الفكرة بوضع سلسلة تدوينات تخدم الأمر. قسمت جدولاً للمحتوى والترتيبات اللازمة للتحضير لحياة الرحالة الرقميين، وضعت فيه خبرتي التي عشتها من ٢٠١٦. بدأت ذلك العام التحضير لأسلوب الحياة هذا، ثم السفر أخيراً بشكل متواصل منذ عام ٢٠١٨، وحتى عودتي إلى كوالالمبور. إن كان يهمك؛ اشترك في قائمة رسائل الرحالة الرقميين التي أنشر خلالها رسائل خاصة بهذا الأمر. ولا تنسَ قراءة التدوينات المساعدة للبدء في التحضيرات:
أكتوبر: ما بين العمل في بانكوك والراحة في بوكيت
صدرت الموافقة أخيراً في الأسبوع الأول من أكتوبر لأتمكن من مغادرة ماليزيا إلى بانكوك. وفي الحقيقة، غادرت في العاشر من أكتوبر محملة بالخوف قبل الحماسة. تزعجني فكرة “المجهول” وكيف أنني لا أستطع التنبؤ بما يحدث، أو أن الإجراءات على غير المعتاد. والمشكلة أنني حتى يوم المغادرة، بعد ٣ أيام من فتح السفر للعمل والاجتماعات بدون مستند تصريح السفر، سألتني موظفة الجوازات عن حيازتي للمستند أم لا!
وصلت بانكوك، المدينة التي زرتها أول مرة في عام ٢٠١٨ ولم نتوافق أبداً. لكنني حينما وصلتها في أكتوبر رأيتها من منظور مختلف. لم أعد سائحة اقتصادية بحقيبة ترحال. إنني هنا كرحالة رقمية، وأمامي جدول مزدحم من الاجتماعات بعد الحجر الصحي. لا تزال بانكوك مدينة غريبة علي حتى بعد قضاء شهور فيها الآن.
يسألني رفاق العمل عن الجزيرة أو المدينة التي سأسكنها بعد اجتماعاتنا، ويأتي الخيار الأول طبعاً جزيرة بوكيت. قررت هنا أن أجمع ما بين العمل، والاستمتاع بوقتي في جزيرة استوائية، وهذا ما جعلني أختار منطقة يسكنها الوافدون المقيمين، وليست المناطق السياحية التي اعتدناها. كانت المكان المثالي لأتمكن من التركيز على العمل في الأيام المطيرة، والسباحة في الأيام المشمسة.
أكملت خلال أكتوبر النشر عن سلسلة فنادق البوكيت المفضلة لدي:
- أفضل فنادق البوتيك في مدينة ملاكا.
- ومع كثرة الأسئلة عن السفر إلى ماليزيا أو غيره، كان من المناسب الكتابة عن أخطاء السفر لتتجنبها عند السفر دولياً خلال الجائحة.
- ثم أكملت السلسلة بقائمة أفضل فنادق البوتيك في بينانج.
نوفمبر: بوكيت – تشيانغ ماي – بانكوك
كان جدولي ممتعاً في جزيرة بوكيت، تماماً كما أردته وأنا أعيش في جزيرة استوائية كرحالة رقمية. جمعت فيه ما بين العمل في ساعات الصباح حينما تكون الشمس غير محتملة، أو السماء مطيرة. وغالباً ما أختم يومي بمشاهدة الغروب أو الذهاب لجلسات المساج والتسكع في القرية. لم أذهب في أي من رحلات الغوص هناك، لم تجذبني الصور أو مشاهد ما تحت الماء في تلك المنطقة، حتى مع قلة السائحين. في المقابل؛ كونت صداقات جيدة هناك، وتشاركنا الكثير من أكواب القهوة، ومشيت في المدينة القديمة. أعتقد أنني نجحت أخيراً في رؤية جزيرة بوكيت من زاوية أخرى. المنطقة الثانية المفضلة لدي في تايلاند بعد تشيانغ ماي، والتي ربما أعود إليها مرة أخرى.
بعد ثلاثة أسابيع فيها، كان الوقت مناسباً للمغادرة إلى شمال تايلاند، كتغيير للأجواء. تشيانغ ماي مدينتي المفضلة في تايلاند، تجمع بين التاريخ، والمقاهي الحديثة. وصلتها في نفس اليوم الذي كانت تقام فيه احتفالات توديع الكهان في إحدى المعابد. سألني “Pepp“يومها إن كنت أريد حضور الاحتفالات معه وعائلته، ووافقت طبعاً! “Pepp” صديق مقرب، يملك مسكناً اقتصادياً سكنته حينما افتتح في عام ٢٠١٨، وسكنته الآن أيضاً. يمكنني ملاحظة التغيرات التي طرأت على المسكن وآثار جائحة كوفيد-١٩، لكنه تصرّف بالشكل الصحيح لجعله قائماً حتى اليوم. احتفلت هناك أيضاً بمهرجان الأضواء (لوي كراثونغ Loy Krathong)، اقرأ عنه في هذه النشرة.
ثم قضيت الأسبوع الأخير منه في بانكوك لحضور اجتماعات العمل. ربما كانت أبرز الأحداث هنا “Derek” الذي جمعنا التدوين وحب السفر لسنوات فكنا أصدقاء متباعدين. تحدثنا كثيراً عن السفر والتدوين طبعاً وكيف أننا اشتقنا لتجمعات المسافرين والأسئلة المتكررة عن وجهات السفر وماذا تفعل هناك. ونشرت خلال نوفمبر
- كيف تسافر حول العالم بجواز سفر محدود.
- فنادق جزيرة لنكاوي البوتيكية المفضلة لدي.
- وأخيراً عن تجربتي استخدام آيباد برو كجهاز شخصي رئيسي.
ديسمبر: السباحة في كوه ساموي
هروباً من بانكوك وزحامها الذي زاد بالمقارنة مع أكتوبر، قررت الذهاب إلى جزيرة ساموي، وجزيرتي كوه تاو، وكوه بانغان. كنت متشوقة جداً للسباحة في هذا الجزء من خليج تايلاند، خاصة بعد أن سمعت الكثير عن الحياة البحرية والشعاب المرجانية في المنطقة. هل رأيت في حياتك مثالاً حياً للحظ السيء؟ هذا ما عشته فعلياً في الأسابيع الثلاثة التي قضيتها هناك. يلقى اللوم غالباً على سوء الأحوال الجوية، وآثار المطر (موسم المونسون) المتواصل في الأسبوعين اللذين سبقا وصولي للجزيرة. قضيت أسبوعاً كاملاً متنقلة ما بين ٣ فنادق بحثاً عن شاطئ نظيف وخدمة جيدة. فيما كنت أعمل بكثافة أكبر خلال الأسبوع، ونشرت خلال الشهر عن:
- تجربتي كرحالة رقمية في بانكوك خلال الجائحة.
- رداً على الكثير من الاستفسارات، ما هو تأمين السفر وكيف تشتريه؟
- والتدوينة المقربة لنفسي أكثر، دليل جزيرة بوكيت للرحالة الرقميين.
انتقلت بعدها للشاطئ الذي سكنته أول مرة مع وصول كارلو في الأسبوع الثاني للجزيرة. كان الوقت مناسباً حينها مع نهاية العام تقليل جلوسي أمام شاشة الآيباد والعمل لأكثر من ٥ ساعات في اليوم، كان هذا وعدي له على الأقل. قضيت الأسبوعين الأخيرين حرفياً لا أعمل أكثر من ساعتين في اليوم. تخيل أنني أترك هاتفي عمداً في الفندق كلما خرجنا مساء للعشاء؟ أوه! والأعجب من ذلك أنني أحياناً أنسى ارتداء ساعتي، ولا أنتبه لذلك إلا حينما أُسأل عن الوقت.
حظ سيء، كلاكيت ٢٠٢٢/٢٠٢١
أعددت كل الترتيبات اللازمة في الأسبوع الأول من ديسمبر في التحضير لاحتفالات رأس السنة. اخترت فندقي المفضل في بانكوك، بعشاء فاخر، ثم مشاهدة الاحتفالات من مطعم في أعلى المبنى. صممت بهذا الشكل المفضل لدي لاختتام عام سيء من كل النواحي، كما قرأت في الأعلى على كل حال.
عدنا من جزيرة ساموي في السابع والعشرين من ديسمبر، الوقت المناسب للراحة بضعة أيام قبل احتفالات رأس السنة. أو هكذا ظننت. تذكر حديثي عن الحظ السيء؟
خرجت في اليوم التالي أتسوق باحثة عن حذاء مريح، وفستان يليق بالاحتفال. قضيت أول النهار مستاءة من الخيارات المحدودة، ما بين ألوان تايلاندية فاقعة، ملابس مصممة للشتاء، ومقاسات آسيوية. ثم وصلتني رسالة من كارلو يخبرني عن الوعكة الصحية التي شعر بها الليلة السابقة، والتي استمرت لليوم التالي. لم ألقِ (كلانا في الحقيقة) الأمر أي أهمية، ظننا أنها مجرد إرهاق من أسبوعين تحت الشمس. ساءت حالته الصحية وأصبح الأمر يستدعي فحص كوفيد-١٩ للتأكد من الأمر طالما أن الأعراض متشابهة. ما بين المستشفى، والإرهاق، والتخوف من نقل العدوى قررنا إلغاء كل احتفالاتنا وخططنا وعزل أنفسنا.
يناير ٢٠٢٢: ١٥ دقيقة احتفال
مع تعقيدات السفر ومتحورات كوفيد-١٩ التي لا تنتهي قررت تمديد إقامتي في تايلاند. ذهبت صباح الثامن والعشرين من ديسمبر إلى مبنى الجوازات، وبعد انتظار ساعة منحوني شهرين إضافيين بسهولة. هذه الترتيبات مناسبة للغاية بما أنني أخطط للحصول على تصريح إقامة كرحالة رقمية في تايلاند والسفر فيها أكثر.
كنت مستاءة طوال اليوم الأخير من عام ٢٠٢١ نتيجة إلغائنا ترتيبات الاحتفال في Octave. لحسن الحظ فإن الشقة التي أسكنها الآن تضم رصيفاً مطلاً على النهر، ويمكنني هناك رؤية الغروب بشكل جيد. بين شعور كارلو بالذنب ودفعه إياي الخروج للاحتفال، وتساؤلات الأصدقاء، قررت النزول هناك مرة أخرى في الحادية عشر ليلاً. تأهبت لرؤية الألعاب النارية المقامة في بانكوك. موقعنا بين جسرين كبيرين يعني رؤية مجموعتين من الألعاب النارية بشكل جيد. لم أكن الوحيدة في الأسفل أيضاً، فهناك بعض من الجيران نزلوا للأسفل أيضاً.
مَن يعلم، ربما يكون عام ٢٠٢٢ أفضل من سابقيه!
سنة حافلة ومليئة بالتفاصيل والصعوبات .. استمتعت بقراءة التدوينة
تحية كبيرة من جيش المتابعين بصمت
أهلاً أهلاً بأصحاب التدوين الأزليين 🤟