مرّت ستة أشهر من السفر، أي مائة يوم، فماذا تعلمت فيها؟ سألت نفسي هذا السؤال في الثالث والعشرين من نوفمبر. حينما عدت في رحلة قصيرة إلى ماليزيا، لأحضر حفلة تخرّج دانة. صادف أنه ذات اليوم. وفيما أنا أنتظر بدء الحفل مع بقية الأمهات؛ وصلني تنبيه على هاتفي “مائة يومٍ على الطريق”. لم أُولي الأمر أي اهتمام حينها، كنت مهتمة بصغيرتي دانة، وفرحتها، هذا هو الأهم الآن. وفي الليل؛ كانت كل الأفكار تتعارك في ذهني. ثم نسيت الأمر، والكتابة عنه. عودتي إلى ماليزيا خلال تلك الفترة كانت مليئة باللقاءات والاجتماعات. لذلك؛ لم أحبذ البقاء فيها كثيراً، وسافرت مع دانة إلى جزيرة بانكور.
مرّت الأيام، ولم أكتب شيئاً حقيقياً حينها. حتى جاء الرابع عشر من فبراير، تنبيه آخر، ستة أشهر من السفر! وحينها، أحسست أن باستطاعتي الحديث عن التجربة بشكل أفضل. مُسوَّدة الرحلات الورقية مليئة بالمواقف التي لم أتحدث عنها هنا، أو حتى على تويتر وانستقرام. وربما يمكنني الآن تلخيص شيء ما منها.
أصل حكاية السفر
حملت حقيبة السفر يوم الأربعاء، الخامس عشر من أغسطس ٢٠١٨، مغادِرة مطار كوالالمبور الدولي لأبدأ الرحلة. بالأصح حياة الرحالة الرقميين (اقرأ التدوينة كاملة، هنا). الرحلة التي وضعت الكثير من الاستعدادات لأقوم بها، خطة شبه مؤكدة بالسفر في دول جنوب شرق آسيا. دائرة رسمتها ذهنياً؛ كانت بانكوك أول محطات السفر، على الرغم من أنها لم تكن أبداً من ضمن أولويات المدن التي أريد زيارتها. لكنها كانت المحطة الأقرب، والأدنى سعراً من حيث تذاكر السفر. كانت الستة الأشهر الأولى تجربة أريد اختبارها كأسلوب حياة، ويبدو أنها راقت لي، حتى الآن. الأمر ليس له علاقة بالحرية أو أي شيء من هذا القبيل، كانت له علاقة بتغيير الروتين المستمر قدر الإمكان. مللي السريع حبّب إلي التنقل الدائم.
ما الذي حدث في ستة أشهر من السفر؟
صادف يوم الرابع عشر من فبراير ستة أشهر سفراً متواصلة، على التمام. كنت حينها ضيفة مقيمة في فندق ماندرين أورينتال، كوالالمبور. لم يكن يوماً مختلفاً عن بقيته، على الأغلب. مازلت أذكره الآن جيداً؛ أفطرت، وقررت الخروج لإنهاء بعض الأعمال. كان يوماً جميلاً بشكل ما، أو أن مزاجي ذلك اليوم كان جيداً! على الرغم من أنني لم أنَم جيداً في الليلة السابقة. توقّفت عند محطة القطارات القريبة من الفندق، والتقيت “أياوان”، الذي أخذني بعزفه إلى غابات ولاية صباح.
أكملت طريقي بعدها، وعاد التنبيه في رأسي. “ستة أشهر على الطريق“. لا أدري إن كان من المفترض أن يعنِ لي ذلك شيئاً، ما عرفته حينها أنني قطعت شوطاً طويلاً من الحياة في الأشهر الست تلك. هذا الشوط الذي أوصلني بشكلٍ أو بآخر إلى طريق غريب، وأصبح يتلبّسني ذلك الإحساس بأن لا أحد يفهم ما أشعر به الآن. عدا محمد، الذي تأخر لقاءنا ثلاث سنوات. محمد، “على شفا” ركن لفِهم ما يدور في رأسي الآن. وربما سأحكي نقاشاتنا الطويلة مذ التقينا في كوالالمبور وحتى يوم مغادرته في تدوينة أخرى. أعلم… أريدكم فقط أن تبقوا بالقرب! 🙂
نغم من الجنة!
— asma Qadah 🇲🇾 (@a_Qadah) February 14, 2019
تقدروا تلاقوه في فندق سري باسيفيك #كوالالمبور الأربعاء-السبت من الساعة ٣-٦ المسا.
أو فيسبوك https://t.co/T4Efd1x6vD#ماليزيا #AQhome pic.twitter.com/tNfd31uOFv
في الطريق؛ كانت فكرة الكتابة عن الأشهر الستة تغزو رأسي. ستة أشهر، وأنت الآن في كوالالمبور. مَن كان يتخيل أنك ستعودين لفترة طويلة هنا؟ لست أنا على الأقل! لم أكن أعرف في فبراير إن كنت سأكمِل رحلاتي، أو أنني سأتوقف برهة للراحة قبل المغادرة من جديد، إلى ألمانيا.
ستة أشهر.. ماذا حدث؟
قضيتها أتنقل من مدينة إلى قرية أخرى، ومن محطة إلى أخرى. قطعت فيها مسافات طويلة بين مدنٍ وقرىً لم أتخيل نفسي أعيش فيها يوماً ما. سكنت في مساكن نظيفة جداً، وأخرى سيئة للغاية. ركبت حافلات مكيفة وأخرى مكدّسة بالركاب وبضائعهم. في ستة أشهر:
- ركبت ٥ طائرات دولية: كوالالمبور– بانكوك. هانوي – كوالالمبور. كوالالمبور – ميدان. جاكرتا – كوالالمبور. كوالالمبور – ماكاسار. سورونغ – جاكرتا – كوالالمبور.
- تنقّلت براً على ١٢٣ رحلة، ما بين حافلة، وسيارة، ودراجة نارية.
- ركبت ١٥ رحلات بحراً/نهراً.
- عِشت في ٥ دول، مفصّلة في ٢٤ مدينة وقرية وبلدة ومجموعة من الجزر. هي محطات السفر التي أكتب عنها هنا.
- سكنت في ٣٥ مسكناً ما بين فنادق ومساكن مشتركة، وخيمة.
دروس تعلّمتها خلال ستة أشهر من السفر
كنت خلال الترتيبات التي وضعتها لنفسي في العام الماضي أقرأ عن محطات كثيرة يمكنني البدء بها. قارات ودول أريد زيارتها واستكشافها. شعوب وقبائل أريد العيش معهم. الكتب التي أقرؤها تحوّلت من سياسية واقتصادية وأدبية، إلى الرحلات والسفر. مشترياتي التي كانت تدور حول الأحذية العالية وملابس السهر، أصبحت فيما بعد تدور حول أفضل مقتنيات السفر. تغيرت كل الاهتمامات وتفاصيل الحياة اليومية تدريجياً مع تغيّر اهتماماتي، أصبحت أحب مجرد القراءة عن مكانٍ ما مجهول بالنسبة لي، أو القراءة عن شعوب لم أسمع عنه من قبل. أو حتى وجبة عُرف بها منطقة ما. كانت -ومازالت- تلك متعتي.
سيقول لك الكثيرون من غير المسافرين أن الانترنت يجلب لك العالم بأكمله بين يديك. كذب! 🙂 لا يمكنك الإحساس بالنسيم العليل في فيتنام بينما أنت في بيتك، أو الشعور بمتعة صعود جبل بركاني في إندونيسيا. قِس على ذلك.. دعني هنا أذكرك بنصائح جمعتها خلال الأشهر الستّ الأولى من السفر المتواصل، أمور تعلّمتها بعد بعض من الأخطاء التي وقعت فيها.
هل أنت مستعد حقاً للسفر
١/ اقرأ، استمع، شاهِد: لا يمكنني تخيّل السفر إلى دولة ما، أو نقطة ما دون القراءة عنها. ابحث قدر المستطاع عن المكان الذي تريد السفر إليه، اقرأ عدداً لا محدوداً من المقالات، والتدوينات، وشاهِد فيديوهات على يوتيوب بكل اللغات التي تعرفها. هناك الكثير من المدونين الرحالة الرقميين (أنا مثلاً!) الذين يحكون تجاربهم الشخصية.
٢/ اسأل عن الأمور التي تجهلها: وضعتها كنقطة ثانية لأنه ليس من العدل أن تسأل قبل أن تبذل أي مجهودٍ حقيقي. عليك على الأقل أن تحدد ما تريد من رحلتك، ميزانيتك، واهتماماتك خلال السفر. أسوأ الأسئلة التي تصلني مثل: أين أذهب في ماليزيا؟ وأتعجبّ كيف أدلّك دون أن أعرفك أو اهتماماتك؟
٣/ اترك مجالاً للدهشة: اترك مجالاً للاستكشاف بنفسك، قد تكفي القراءة المبسطة عن مكانٍ ما تريد زيارته لتعرف أساسياته. أو تكفي القراءة عن السكن، والمناطق المميزة فيه والتسهيلات المتوفرة. ابقِ شيئاً من الغموض أو تجاهل بعض التفاصيل في هذه المرحلة لتستكشفها حين تزور المكان.
أنت لست محور الكون.. تخيل!
٤/ لا تأخذ أي أمر يحدث لك على محملٍ شخصي: ينطبق هذا على الحياة بشكل عام. لكنه أكثر أهمية بالنسبة لي خلال السفر. الرشوة في مكاتب الجوازات مثلاً أمر عام يحدث للجميع. زيادة أسعار البضائع أو رسوم دخول المناطق السياحية أو حتى الحافلات تحدث لغير المواطنين. أنت غريب، والانطباع الأولي هو أنك تملك مالاً لتسافر. أليست هذه حقيقة في الأساس؟ حسناً، ربما ليس دائماً. تذكر أن هناك دولاً يقوم اقتصادها على السياحة، وأنت جزء من هذه المنظومة.
٥/ ضع نفسك أولاً دون أنانية: سيكون هذا الأمر الطبيعي حينما تسافِر وحدك. وفي الحقيقة، إنه أول الأسباب التي جعلتني أسافِر وحدي. أريد أن أذهب إلى مناطق وأماكن لا يحبّذها مرافقيّ عادة. حينما تكون مع مسافرين آخرين غرباء، قد تتشاركون حافلة أو سيارة، ليس عيباً أن تنسحب في لحظة ما. إنك تسافر لأجلك أنت.
٦/ أنت لست أفضل من أحد: كونك مسافرٌ ومطّلع على ثقافات أخرى لا يعني أنك أفضل من غيرك. كن متواضعاً أينما ذهبت. ما تعرفه أنت لا يعني أنه أفضل مما يعرفه غيرك. ومهما توسعت مداركك وقراءاتك، لا تزال جاهلاً.
تعلم دائماً.. حتى خلال السفر
٧/ اعرِف عادات البلد قبل السفر إليه: في ماليزيا وجنوب شرق آسيا، لا يجوز لمس رأس أي شخص، فهذه إهانة كبيرة. كما أن أكثر البيوت والمعابد تمنع ارتداء الأحذية داخلها، اخلعها وضعها في المكان المخصص. رفع صوتك في الأماكن العامة وأنت تتحدث ليس بشيء جيدٍ كذلك.
٨/ تكلّم وتفاعل مع السكان المحليين والمسافرين الآخرين: لا يعني ذلك أن عليك أن تكون آلة كلام. فقط اعرف حدودك وآدابك ولا تكن منطوياً على نفسك دائماً.
٩/ احترم مقدسات الآخرين: يهمّك دينك؟ جيد. احتفظ به لنفسك فقط. لست هنا لتلوّح به أينما ذهبت. تذكر أنه لا يحق لك أن تنظر نظرة دونية إلى مَن لا يشبهونك في دينك أو عاداتك وتقاليدك. احترمها. فلست مسؤولاً عن تغيير معتقدات الآخرين، ولا تملك مفاتيح الجنة. تزعجك المعابد والمساجد والتماثيل والكنائس؟ لا تدخلها. وتذكّر، فكما أنك تراهم مخطئين في دينك، فإنهم يرونك مخطئ كذلك. المعادلة سهلة للغاية.
كيف هذّبني السفر؟
١٠/ سِر على المثل “يا غريب كُن أديب”: ستسافر إلى دول يبيع فيها سائقو التوك-توك أو غيرهم من المواطنين الحشيش والمخدرات مثلاً في الشوارع بشكل علني. وغالباً ما تكون مخصصة للرحالة الرقميين أو المسافرين. كونك أجنبي في بلدٍ ما لا يُعفيك عن قانونه. وكَون مواطنٍ يبيعه لك لا يعني أنه أمر قانوني. ببساطة؛ اعرف حدودك.
١١/ السفر دون انطباعات جزء من التجربة الحقيقية: أعني هنا الانطباع الكامل الدقيق عن المكان وساكنيه. قبل أن أصِل إلى كمبوديا قرأت وسمعت انطباعات كثيرة سيئة عن أهلها، وهذا ما جعلني في موقف دفاعٍ دائماً. في الحقيقة، أجمَع الكثير من الرحّالة الذين قابلتهم عن سوء تعامل الكمبوديين معهم. لكنني حين قررت الانتقال إلى فيتنام، مَحَوت كل التصورات الذهنية. هم شعب طيب في الأساس، وحين يحدث أي أمرٍ لا يروقني، أتجاهله، ببساطة.
١٢/ أبقِ شيئاً من الرحلة خاصاً لك: قد يبدو الأمر صعباً مع وجود الشبكات الاجتماعية. لكن صدقني، هناك مشاهِد ولحظات عليك أن تكون أنانياً فيها وتحتفظ بها لنفسك. مشكلتنا أننا نصوّر كل شيء، ونشارك كل شيء. ثم ننسى. أصدق اللحظات التي أتذكرها هي التي أحتفِظ بها لنفسي، في مُسودَّة ورقية أو حتى في الذاكرة. أجمل اللحظات تلك التي لا تستطيع كاميراتي التقاطها، أجلس حينها أتأمّل ما يحدث وأبتسم من قلبي.
ممتلكاتك وحقيبة السفر
١٣/ احرص على ممتلكاتك وحقيبتك: ليس كل مَن حولك أمينين، وليسوا كذلك سارقين. كن وسطياً في هذا الأمر، كغيره. تفقّد مقتنياتك قبل مغادرة أي مكان سواء كان ذلك الحافلة أو الغرفة. خاصة حينما تغادر مكاناً ما وأنت مرهق. بعد رحلة طويلة امتدت لإثني عشر ساعة، اكتشفت أنني نسيت وسادة السفر في الحافلة.
١٤/ لا تنسَ قفل لحقائبك: ستترك حقيبتك الكبيرة في الفندق أو السكن المشترك. وبالطبع لديك ممتلكات من الخطر حملها معك في كل مكان مثل جواز السفر وكل الأوراق النقدية. وفي مثل حالتي حاسوبي الشخصي. ستترك هذه الأشياء جميعاً وفي بعض الأحيان لا توفر الفنادق أو المساكن صندوقاً للأمانات. هنا يكون القفل مهماً! أضِف إلى ذلك، ستكون حقيبتك ضمن حقائب أخرى في المطارات أو الحافلات، هل تريد ترك محتوياتها في أيدي لجميع؟ لا أعتقد.
١٥/ احتفظ بعملات نقدية متنوعة للطوارئ: خصصت ١٠٠ دولار جديدة و٥٠٠ رنجت أحمِلها في محفظة منفصِلة. أتركها غالباً في الحقيبة الكبيرة (الحقيبة الأساسية). قد تتعرض للسرقة أو تنسى أن تسحب نقوداً من ماكينة الصرافة حينما تكون في قرية أو جزيرة نائية. أو حتى في أسوأ الأحوال؛ قد لا تعمل ماكينة الصرافة أو البطاقة التي معك.
ماذا تحمِل في حقيبة السفر
١٦/ هل تحتاج حقاً إلى كل هذا؟: اسأل نفسك قبل أن تحزِم أي شيء في حقيبتك: هل أحتاجه حقاً؟ إن كنت متردداً في الإجابة، فإنك في الغالب لن تحتاج إليه. كنت أحمِل خمس تيشيرتات، استغنيت عن اثنين منها في أول محطتين. خفف حقيبتك قدر المستطاع. صدّقني؛ لا تريد أن تُثقِل على ظهرك بكل هذه الأشياء. يمكنك الاطلاع على تدوينة “حقيبة السفر في جنوب شرق آسيا” لمعرفة ما أحمِله معي.
١٧/ احمل ما يناسب الطقس: إذا كنت ستسافر إلى دولٍ استوائية فغالباً لن تحتاج إلى ملابس ثقيلة. أحمِل معي سترة مدفّئة للحافلات الطويلة والمطارات. بقيّة ملابسي قطنية وتساعد على التهوية. في المقابل، إذا كنت مسافراً إلى أوروبا أو الصين في الخريف والشتاء، تأكد من وجود ما يكفي ليبقيك دافئاً.
١٨/ ماذا لو كنت ستسافر إلى منطقتين مختلفتين؟ احمِل معك ما يكفي للمنطقة الأولى كاملة، وشيئاً من الثانية. تخيل أنك ستسافر إلى تايلاند وشمال فيتنام، الطقس في تايلاند استوائي حار في معظم أوقات السنة. في المقابل فإن شمال فيتنام يصبح بارداً في الخريف والشتاء. حملت معي ملابس قطنية خفيفة، ثم اشتريت ملابس شتوية في فيتنام قبل التوجه إلى شمالها. وبصراحة؟ كانت أرخص من لو أنني اشترتيها في ماليزيا!
صحّتك الجسدية خلال السفر
١٩/ اهتم بصحّتك قبل، وخلال السفر: ليس هناك ما هو أسوأ من المرض خلال السفر. حقيقة جرّبتها، وحدثت لي عدداً من المرات. تأكد من وجود كمية كافية من الأدوية التي لا تستغني عنها. خصص حقيبة صغيرة للإسعافات الأولية تحمِلها معك كل مكان. لا يعني ذلك أن تحمل صيدلية كاملة، كن مستعداً فقط.
٢٠/ اشرب الكثير، والكثير، والكثير من الماء: إنه أرخص ما يمكنك شربه في أي مكان. من المرجّح أنك ستمشي كثيراً وتفقد كميات من السوائل. حتى وإن كانت سفرياتك ورحلاتك في المناطق الباردة. تعلّمت أن الماء أهم شيء صحي أقدمه لنفسي وجسدي حينما أصبت بجفاف في الجلد في دالات، فيتنام. اشرب قدر الإمكان، إنه أسهل ما يمكن أن تقدّمه لنفسك.
٢١/ كن مستعداً دائماً لأي طوارئ صحية وأخرى من خلال حمل التامين الصحي للسفر: أستخدِم شخصياً تأمين سفتي وينج. كنت أقود الدراجة النارية في بعض المناطق في لاوس وشمال كمبوديا وسقطت. قد تتعرض خلال السفر لكسور أو جروح عميقة في بعض الأنشطة التي تقوم بها، التأمين هنا أمر ضروري.
٢٢/ تأكد من حصولك على التطعيمات اللازمة لكل دولة: بعض دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية مثلاً تتطلب تطعيمات معينة كجزء ضروري للحصول على تأشيرة الدخول. تأكد من كل ذلك قبل سفرك واحرص على حمل كل ما يثبت حصولك عليها.
كيف تسهّل حياتك خلال السفر
٢٣/ خصص ميزانية يومية لنفسك: إحدى الأخطاء التي وقعت فيها أنني كنت أنسى تقييد معظم مشترياتي ونفقاتي اليومية. انتهى بي الأمر إلى صرف الكثير من النقود على ما لا أحتاجه حقيقة. تعلّمت منها أن أخصص مبلغاً مالياً لكل دولة أو شهر، ومن خلاله أحدد الميزانية اليومية والأسبوعية. يعتمِد ذلك بالطبع على عاداتك اليومية وما ستقوم به خلال السفر. لاحظت أنه يكفيني ٣٠ دولار يومياً كمأكل ومسكن وتنقلات. هناك أيام تقل فيها المصروفات اليومية، وأياماً تزيد. المهم أنني لا أخرج عن الحد الأقصى الذي حددته لنفسي في الشهر الواحد.
٢٤/ قيّد مذكراتك كل يوم: في كل يوم سيكون هناك حدثٌ جديد، منطقة جديدة، اسم جديد… الخ. ستلاحظ أنه كلما تقدمت بك الأيام خلال السفر، قد تنسى أسماء المناطق التي زرتها، أو حتى ما حدث فيها. هذه الأمور الجديدة التي تحدث كل يوم قد تغفل عنها الذاكرة في يومٍ ما. كما أنه من الجميل أن تعود إلى قراءة تلك اليوميات وأجندتك وملاحظاتك.
٢٥/ وازِن في أيامك بين الأنشطة السياحية وأيام الراحة: إحدى الأخطاء الكبيرة التي تركبها في حق نفسك ومرافقيك هي ملء جدول الرحلة بأكمله. ضع أياماً للراحة لا تفعل فيها أي شيء. تعلّمت أن أستريح في كل نقطة أصِلها حتى أستطيع التغلغل في المكان أكثر.
أين تسكن وتأكل وكيف تتنقل خلال السفر
٢٦/ اسكن في المساكن المشتركة قدر الإمكان: سيوفر ذلك عليك الكثير من المال. وبالطبع، سيجعلك تندمج في مجتمع المسافرين أكثر. توفر مواقع وتطبيقات مثل HostelWorld وBooking.com خيارات كثيرة للسكن منخفض التكلفة. يمكنك كذلك استخدام تطبيقات مثل Couchsurfing للسكن المجاني والتعرف على السكان المحليين.
٢٧/ امشِ كلما استطعت: أستغرب حين يقوم المسافرون بركوب سيارات الأجرة إلى أي مكان، ويستغني عن متعة استكشاف المدينة دون قيود. حين أصِل إلى أي وجهة جديدة، أجِد أن المشي في المنطقة المحيطة بسكني أسهل طريقة لمعرفة المكان. انطلق إلى أي مكان يجذب انتباهك خلال مشيك. لا يهم أن تعرف أين أنت الآن، فقط احتفظ باسم وموقع سكنك في هاتفك حتى تستطيع العودة إليه دائماً. أو تنقّل كما يتنقّل السكان المحليون: بالدراجات النارية.
٢٨/ تنقّل بين المدن بالمواصلات العامة: بشكل جدّي، هل يستحقّ الأمر سيارة خاصة؟ أراها رفاهية غير متطلّبة. هناك متعة ولذّة في مشاركة السكان المحليين حافلاتهم ووسائل المواصلات التي يستخدمونها. لا تفوّت ذلك على نفسك، أو حتى على مرافقيك.
٢٩/ كُل مما يأكل السكان المحليّون: إن لم تكن هناك أي قيود صحية أو دينية عليك، فما المشكلة من ذلك؟ الأطعمة المستوردة خاصة السريعة كالبيتزا والبرجر والبطاطس المقلية ستكون أغلى وأكثر تكلفة مادية. وصدّقني، سيئة الطعم والجودة للغاية!. حدث ذلك مراراً في كمبوديا، وما عدت أطلب طعاماً غير محلي. تذوّق الأكل المحلي بكل أصنافه، فهذه إحدى المتع الأساسية للسفر.
لتكون رحلتك أكثر متعة
٣٠/ اختر الأماكن غير السياحية قدر الإمكان: نخطئ غالباً خلال السفر عندما نختار الجدول السياحي ذاته الذي سار عليه الآخرون. حتى وإن لم تكن تلك المناطق السياحية من ضمن اهتماماتنا الحقيقية. نزورها فقط لأن فلان زارها. أكثر المناطق متعة مما زرتها كانت وسط بيوت السكان المحليين، وبعيداً عن حياة الرحالة والسائحين.
٣١/ تمهّل في السفر: لست في حاجة إلى زيارة كل مدينة في كل دولة في مدة قصيرة. ولست بطبيعة الأمر مجبراً على زيارة كل المناطق السياحية وغير السياحية فيها. خذ وقتك واختر من كل بلدٍ أو مدينة ما تحب. ستحتاج نفسياً إلى تقبّل كل ما تراه وتلمسه. اعطِ لنفسك مساحة كافية لذلك.
٣٢/ كن مرِنا في خطط السفر: يخطئ الكثير من المسافرين بوضع خطط نهائية محكمة للسنة القادمة أو الرحلة بكامل تفاصيلها. السكن، النشاطات، المحطات، وحتى مواصلاتهم. وهذا أكبر خطأ. حين كنت في تايلاند، اشتريت تذكرة للحافلة من كانشانابوري إلى تشيانغ ماي أسبوعين قبل يوم السفر الحقيقي. ما حدث أنني حين كنت في عزلة التأمل (Vipassana) اكتشفت أنني على بُعد ساعة واحدة من ميانمار (بورما)، وهي الدولة التي أردت بحقٍ زيارتها! لكنني كنت قد دفعت الكثير من أجل تذكرة الحافلة تلك.
لا تشمل هذه التدوينة على كل النصائح بالطبع. لكنها تقريباً ما تعلّمت في الجزء الأول من سفري. هناك الكثير والكثير الذي مازال عليّ تعلّمه. ربما أكثر أمر مهم هو تعلّم الصبر. لست صبورة بما يكفي في مواقف كثيرة. أستاء بسرعة، وأعلم أنني سأنسى سريعاً، ربما! لكنها إحدى العادات السيئة التي أحاول التخلي عنها. ماذا عنكم؟ ماذا علّمكم السفر.
لا تعليق